الملحق الثقافي- سلمى صوفاناتي:
انبرى رسامو الكاريكاتير ومصممو الملصقات للتعبير عن مواقفهم الاجتماعية والسياسية .. من خلال هذا الفن الذي اجتاح وسائل الإعلام المقروءة والمرئية .. إضافة إلى وسائل التواصل الاجتماعي بشتى أنواعها .. ولاقى تجاوباً واهتماماً خاصاً من قبل متابعيه .. حيث أظهرت آلاف الرسوم والملصقات .. وعياً عاماً بأن الولايات المتحدة الأميركية هي أصل المؤامرة وفصلها .. ويعتبر فن الكاريكاتير من أقدم أنواع الفنون وأعرقها .. فهو رسم تخطيطي .. يسفر عن لوحة فنية متكاملة .. تحتوي على جماليات عالية في الدقة والعمق .. من خلال الكشف عن أدق التفاصيل للتعبير عن نبض الجماهير بأسلوب شيق وسلس يزرع الابتسامة على وجه المتلقي وينقل رسالة خاصة لايفقهها الا أصحاب العقول الراقية .. وقد احتل هذا الفن مكانة مرموقة ضمن باقي الفنون الثقافية الأخرى .. فهو أداة تعبيرية لاتحتاج إلى شرح .. وهو لغة تصويرية .. ونقد وسخرية هادفة .. يهدف إلى تنوير الرأي العام .. وكشف مايغيب عن الأذهان .. لهذا لاتكاد تخلو منه صحيفة ولا مجلة .. لكونه اختصارات لمقالات طويلة الشرح .. ولكونه يدخل في كثير من القضايا الاجتماعية والرياضية والفنية والسياسية المختلفة .. والتي تلقى جدلاً واسع الطيف في جميع أصقاع الأرض .. من خلال إظهار صورة تبالغ في تحريف الملامح الطبيعية أو خصائص أو مميزات شخص أو جسم ما بهدف السخرية أو النقد الاجتماعي أو السياسي أو الفني وغيره .. وهو من له القدرة على التعبير بما يفوق المقالات والتقارير الصحفية .. وإذا ماعدنا للبحث عن أصل كلمة كاريكاتير نجد أنها مشتقة من الكلمة البريطانية كاريكير والتي تعني يبالغ ويحمل مالا يطيق ..
وقد استخدم هذا الفن أول مرة في القرن السابع عشر على يد الفنان جان برينتي وهو أول من قدمه للمجتمع الفرنسي عام ١٦٦٥ واستخدمه أيضاً الفنان موسيني عام ١٦٤٦.. كما أنه اشتهر في إيطاليا كثيراً حيث عمت شهرة الفنان تيتيانوس مدناً كثيرة .. بعد أن عمد على إعادة تصوير صور قديمة بأشكال مضحكة .. كما أنجبت بريطانيا أيضاً عدداً من رسامي الكاريكاتير البارزين خلال القرنين الثامن عشر والتاسع عشر الميلاديين .. ونظراً لعمق أهمية هذا النوع من الفنون فقد أقيمت له معارض خاصة في كافة أنحاء العالم .. لكونه يعتبر أحد أسلحة الصحافة منذ نشأتها ..الفن الذي يجمع بين التحليل والتركيب بآن واحد .. ومن المعروف أن التحليل خاصية الكاتب بينما خاصية التركيب والجمع تميز الفنان .. ورغم التناقض الغريب بين الخاصيتين .. لكن فن الكاريكاتير جمع بينهما بحرفية عالية .. ففي علم الفيزياء القطبان المختلفان يتجاذبان .. وهذا ما يجعل رسام الكاريكاتير كاتباً وفناناً .. إضافة إلى كونه يمتلك رؤية إخراجية تميزه عن غيره من الفنانين .. ويبقى الفن معياراً قيماً لتطور الحضارات وانعكاس صورها الجمالية عبر التاريخ الإنساني الحافل بالمنجزات الإبداعية الجمالية المختلفة المعاني والدلالات والتي تعكس بصورة وبأخرى الحياة الاجتماعية والسياسية والثقافية والدينية للأفراد والمجتمعات .. لأنه صانع للجمال .. والجمال يربي الذوق الذي بدوره يرأس الممارسة العملية والأخلاق الميدانية في كافة المجتمعات..
العدد 1139 – 4-4-2023