الكتاب الرقمي يعزز حضوره ولكن ..؟

الملحق الثقافي- مها محفوض محمد:
يبدو أن الجدل لمولن يتوقف حول المنافسة بين الكتاب الورقي والرقمي، على الرغم من أن الكتاب الرقمي أصبح حقيقة واقعة لاشك فيها ويعزز حضوره، ولكن الورق كما يعبر الكثيرون باق، ويدافع بقوة عن تاريخ طويل وعن معطيات لايمكن أن يحققه الكتاب الرقمي، ويرى البعض أنه إذا كانت المتعة بتقليب الصفحات لم تختف بعد فهل للحداثة أن تهدد عالم الكتاب الورقي؟
للوقوف على حقيقة الأمر ومعرفة موقف القراء أمام استخدام الكتاب الرقمي بدلاً من الورق المعتاد، مازالت الاستبيانات في الغرب مستمرة وهنا نذكر باستبيان مهم أجرته منذ فترة قامت صحيفة لوفيغارو بالتعاون مع معهد «واي للرأي» باستفتاء حول هذا الموضوع بتوجيه سؤالين بسيطين إلى الفرنسيين: الأول على ماذا تعتمدون غالباً في قراءاتكم والسؤال الثاني عن العلاقة المستقبلية بهذا الصدد؟.
جواب السؤال الأول جاء قوياً وواضحاً :نعتمد الكتاب الورقي لأن الورقة لم تمت، ويرى الرأي العام أن المستقبل مازال رحباً أمام الورق فتسعة فرنسيين من أصل عشرة يقرؤون اليوم الكتاب بنسخته التقليدية وورقه المألوف، وهذا الرقم مهم جداً كما أنها المرة الأولى التي يقوم بها معهد مختص بإجراء سبر في قراءات الناس اعتباراً من عمر الثمانية عشرة ومافوق، وجواب السؤال الثاني كانت له دلالته أيضاً إذ إن فرنسياً من أصل خمسة يرى أنه سيقرأ الكتاب الرقمي مستقبلاً والأولوية لشاشة الحاسوب (11٪) و(7٪ على (e-book) و2٪ فقط للهاتف النقال ومثلها للسماع على أقراص cd وبالمقابل هناك شريحة واسعة أعرضت عن فكرة القراءة على الشاشة أياً كان نوعها، وقد بلغت نسبة هؤلاء 7٪ ممن يتصورون أنهم سيتابعون سنواتهم القادمة في تقليب الصفحات.
هذا الاستفتاء ينسف فكرتين: الأولى أنه لاتباين تقريباً بين الأجيال في الآراء حول القراءة والثانية أن الفرنسيين لايفكرون أبداً بعبارات النقائض من قبيل (الورق مقابل الرقمي)، وبعد هذه الإجابات نلاحظ أن لاتناقض بين وسائل القراءة فهي تتعايش مع بعضها دون مشكلات وهذه هي حال ربع الأشخاص الذين وجهت لهم الأسئلة حيث أكدوا أنهم في الخيار الثاني سيقرؤون عن طريق شاشة الحاسوب كما يحبذون سماع رواية مطبوعة على قرص مدمج وبصوت شخص كوميدي مثلاً، ومن الملاحظ أن النساء يتكيفن مع الحضارة التقنية أكثر من الرجال (15٪ مقابل 8٪).
ولئن كان المستقبل للتكنولوجيا الجديدة يمكن لدور النشر كما للمكتبات التقليدية أن تطمئن لأن الورق لن يموت وبالنسبة للمرحلة الحالية فهي غير واضحة إذا لايوجد سوق للكتاب الرقمي والدليل على ذلك أن الروايتين الأخيرتين للكاتب مارك ليفي «النهار الأول» و«الليل الأول» حققتا نجاحاً مدهشاً في المكتبات وإخفاقاً تجارياً رقمياً وهذا هو الحال لجميع المؤلفات الأخرى ولن يحول ذلك دون نشوب جدل حول حقوق النشرالرقمية.
على أي حال عالم الأدب ينتظر(ipad d apple) التي قد تحدث ثورة لكن على رأي الكاتب جان كلود كاريير المتابع للحركة الثقافية منذ نصف قرن فإن التوقعات لاتفيد بشيء وذاك مستقبل غير منتظر.
آراء كثيرة حول هذا الموضوع لكتاب ودور نشر تم اختيار بعضاً منها: الكاتب والفيلسوف فانسان دولاكروا:
لن أقرأ رواية على الشاشة
يقول: لن أقرأ يوماً الرواية على شاشة حاسوب، لقد كونت نفسي ونشأت على قراءة الورق أنا بحاجة إلى أن أقلب الصفحات وأطويها، بحاجة إلى أن أشم الورق مع أني شخصياً أقسو كثيراً على كتبي فكثيراً ما أتركها جانباً لحين العودة إليها ثانية وغالباً ما أقرأ ستة أو سبعة كتب في آن معاً، لذا أتعامل مع الكتب بفوضوية.
الوقت الذي أمضيه على الحاسوب هو فقط لكتابة مقالاتي وللاتصال بالآخرين، أما كقراءة على الحاسوب فهي تتعبني حتى لو كتاباً علمياً وبالنسبة للفلسفة والنقد الأدبي فأنا بحاجة للتعليق وكتابة الحواشي عليها دائماً.
ايزابيل لافون مديرة نشر «لاتيه»:
الورق متعتنا
أفضل دائماً العمل على الورق، صحيح أننا نستقبل كل شيء على الإنترنت بما فيها المخطوطات وهذا غير طريقتنا في العمل، الكتاب الفرنسيون يطلبون منا إن كنا نرغب باستقبال نصوصهم على النت أو بالبريد العادي، وفيما عدا بعض الاستثناءات فإننا نختار النسخ الورقية دائماً فنحن لانقرأ مخطوطة على الشاشة.
اليوم نعيش مرحلة اضطراب إلى حد ما وهذا يشبه ورشات العمل الضخمة، ننتظر بفضول الآيبود أما الآن فعملنا باق كما هو. لن تفرض علينا وسائل التكنولوجيا نعمل في المخطوطات والغلاف وترتيب الأوراق، ولانعلم فقد تفتح التكنولوجيا الجديدة فضاء رومانسياً جديداً مع النصوص الصغيرة!.
الكاتب والمؤرخ المسرحي جان كلود كاريير:
القراءة الحقيقية عبر الورق
يقول: ما إن يتجاوز النص الثلاث صفحات تجدني لا أستطيع قراءته على الشاشة مع أني أقدر تماماً قيمة المراجع التكنولوجية وخاصة فيما يتعلق بالوثائقيات، فمكتبة ليون مثلاً رقمنت 500000 عنوان وهذا مفيد جداً وعملي، لكن القراءة الحقيقية هي عبر الورق فأنا أحمله وأقرؤه، أنا متابع لتطور المكتبة الوطنية الفرنسية منذ خمسين عاماً وهذه ليست الثورة الأولى، لقد مررنا بالميكرو فيلم الذي يسمح بتخزين كميات كبيرة من المواد المطبوعة في حيز ضيق، ومن ثم جهاز (سكانر) واليوم الاستخدام الرقمي، إذاً الجدل بهذا الشأن ليس بجديد.
السينما أيضاً عرفت هذه الظاهرة، لذا فنحن نعيش دوماً في دوار تقني، وعلى مدى خمس سنوات لن نكون قادرين على جواب السؤال عن مصير التقنيات الجديدة.
طبعاً المراجع التقنية لها آفاقها وتمتلك أبعاداً عملية حقيقية وهذه فائدتها الكبرى، فأن نستطيع الوصول إلى مكتبة بكين ونحن في بيوتنا فهذا شيء رائع لكن المسألة مسألة اعتياد، وبالنسبة لي فالورقة تأسرني بسحرها ورونقها، علاقتي مع الورقة علاقة حميمة وحين ألمسها بيدي أشعر بدفء.
ثم هل تتخيلون معي متعة أن نحظى مثلاً برواية مهداة من مالرو إلى صديق، وأن نغوص في تقليب صفحاتها وقراءتها؟
وسيبقى الكتاب يسيلون حبرهم في هذا الصدد ولن تتغير عادات الفرنسيين في قراءتهم التقليدية.
بكل الأحوال ومن خلال متابعة ورصد الآراء بعد فترة من هذا الاستفتاء المهم، يبدو أن الورقي مازال صامداً ولاسيما مع ما يسمى عام الدخول الأدبي أو الموسم في الغرب، موسم القراءة والإصدارات الجديدة التي مازالت تلقى صدى طيباً لدى الجميع.
           

العدد 1139 –  4-4-2023    

آخر الأخبار
إعادة فتح موانئ القطاع الجنوبي موقع "أنتي وور": الهروب إلى الأمام.. حالة "إسرائيل" اليوم السوداني يعلن النتائج الأولية للتعداد العام للسكان في العراق المتحدث باسم الجنائية الدولية: ضرورة تعاون الدول الأعضاء بشأن اعتقال نتنياهو وغالانت 16 قتيلاً جراء الفيضانات والانهيارات الأرضية في سومطرة الأندونيسية الدفاعات الجوية الروسية تسقط 23 مسيرة أوكرانية خسائر كبيرة لكييف في خاركوف الأرصاد الجوية الصينية تصدر إنذاراً لمواجهة العواصف الثلجية النيجر تطلب رسمياً من الاتحاد الأوروبي تغيير سفيره لديها جرائم الكيان الإسرائيلي والعدالة الدولية مصادرة ١٠٠٠ دراجة نارية.. والجمارك تنفي تسليم قطع ناقصة للمصالح عليها إعادة هيكلة وصيغ تمويلية جديدة.. لجنة لمتابعة الحلول لتمويل المشروعات متناهية الصِغَر والصغيرة العقاد لـ"الثورة": تحسن في عبور المنتجات السورية عبر معبر نصيب إلى دول الخليج وزير السياحة من اللاذقية: معالجة المشاريع المتعثرة والتوسع بالسياحة الشعبية وزارة الثقافة تطلق احتفالية " الثقافة رسالة حياة" "لأجل دمشق نتحاور".. المشاركون: الاستمرار بمصور "ايكو شار" يفقد دمشق حيويتها واستدامتها 10 أيام لتأهيل قوس باب شرقي في دمشق القديمة قبل الأعياد غياب البيانات يهدد مستقبل المشاريع الصغيرة في سورية للمرة الأولى.. الدين الحكومي الأمريكي يصل إلى مستوى قياسي جديد إعلام العدو: نتنياهو مسؤول عن إحباط اتفاقات تبادل الأسرى