أصبحت مسألة التأخير في تنفيذ المشاريع العامة سواء الخدمية أو الاستثمارية سمة شبه عامة ومعترفاً بها سراً وعلانية.. والكل يتهرب ويحمل الأطراف الأخرى المسؤولية.. الشركات المنفذة تحمل الدراسات.. وغلاء الأسعار وعدم توافر مقومات العمل.. والبعض يذهب أبعد من ذلك ليضع عصي قاصداً متقصداً.. والنتيجة خسارة مزدوجة.
الأمثلة كثيرة وإحصاؤها يحتاج إلى مجلدات..
المشكلة تكمن في اختيار المشاريع وأولوياتها.. خاصة في هذه المرحلة الصعبة التي يمر بها البلد.
قلناها مراراً وتكراراً إن ذكاء السياسة الاقتصادية يكمن في اختيار المشاريع التي تنعكس إيراداتها إيجاباً على المواطن وخزينة الدولة وتأجيل بعض المشاريع إلى وقت الراحة.
في عام 2017 وضع رئيس الحكومة حجر الأساس لسد البلوطة في منطقة الشيخ بدر بطرطوس، ونص العقد على أن المدة الزمنية لإنجاز السد لا تتجاوز العامين.
مرت السنين وما زال العمل يراوح مكانه.. الشركة المنفذة اكتشفت أن العلة بالدراسة الناقصة أو المغلوطة وطلبت تعديل الدراسة أكثر من مرة..
أهالي منطقة الديرون قدموا اعتراضاً أمام رئيس الحكومة آنذاك على إقامة السد في هذه المنطقة والحجة أن المنطقة تتمتع بجمال طبيعة خلاب.. ومقومات السياحة متوافرة وتعطي نتائجها أكثر من السد.
خاصة وأن هذا السد الغرض من أحداثه تأمين مياه الشرب لتلك المنطقة.. وهناك تجربة سابقة أليمة في هذا المجال تمثل بتجربة سد الصوراني الذي أحدث أيضاً لأغراض الشرب إلا أنه أصبح تجمعاً لمياه الصرف الصحي بسبب عدم رفع الحيف وتنفيذ محطات معالجة وعدم تحويل مصبات الصرف الصحي عنه.. النتيجة خروج هذا السد عن الغرض الذي أنشئ من أجله.. وما زاد الطين بلة تلوث المياه الجوفية.
اليوم أهالي المنطقة “ينفخون اللبن ” خوفاً من تكرار تجربة سد الصوراني في سد البلوطة ..
أما حجة الجهات التي اقترحت المشروع لإرواء مساحات من الأراضي من سد البلوطة فلا جدوى اقتصادية منه كون المنطقة جبلية على طرفي السد.. أما إذا أرادت الجهات المعنية جر مياه السد إلى السهل الذي يبعد عشرات الكيلو مترات عنه.. فالأمر سيكلف كثيراً.
على كلٍّ: العمل الأن متوقف في السد بسبب انزلاق في كتف السد وهو الذي تجاوز مدة إنجازه أكثر من خمس سنوات.. وبالتالي تغيرت معطيات التكلفة التي أصبحت أضعافاً مضاعفة بسبب غلاء مواد البناء وانعدام مقومات العمل خاصة المحروقات..
أما قصة آلاف أشجار الدلب المعمرة والتي تم اقتلاعها في مكان إنجاز السد فهي تحتاج إلى وقفة.. و”صفنة “.. !!