قفزت أسعار الأسمدة عالمياً من 350 دولاراً للطن قبل عام 2021 إلى نحو 1100 دولار مع تفشي جائحة كورونا عام 2021 ليتابع الصعود مع تداعيات الأزمة الأوكرانية ويسجل 1270 دولاراً قبل أن يعود إلى الانخفاض العام الماضي ويستقر عند 520 دولاراً نهاية 2022 بحسب “بلومبرغ انتلجنس”.
طبعاً الأسعار حالياً انخفضت عن هذا المستوى وتشير البيانات إلى عودتها الى مادون 400 دولار وذلك بسبب زيادة الإنتاج ولا سيما الصين التي تنتج وحدها 25 % من الإنتاج العالمي.
ما يهمنا من هذه المعادلة العالمية هو تأمين حاجة السوق المحلية من الأسمدة، حيث تعاني السوق السورية نقصاً حاداً وقد انعكس ذلك بشكل كبير على الأسعار من جهة وعلى الإنتاج الزراعي من جهة أخرى رغم أننا نملك نحو ملياري طن من الفوسفات يُمكن مقايضة جزء منها مع الدول الصديقة التي تتربع على قائمة مُنتجي الأسمدة مثل الصين وروسيا والهند وبيلاروسيا، كما أنه لدينا معمل للسماد.
المُستغرب في الأمر أن أسعار الأسمدة لدينا أعلى بكثير من كل الدول رغم أنها غير مشمولة بالعقوبات كما الفوسفات، وهنا نسأل لماذا نعمل على تأمين السماد عن بطريقة المقايضة (سماد مقابل الفوسفات) عن طريق وسيط وبتكاليف مضاعفة؟ .. ألم يكن ممكناً المقايضة مع الشركة مباشرة ؟.. ولماذا تُحتسب معادلة المقايضة على سعر مرتفع جداً عن الأسعار العالمية؟.
السماد أمن غذائي ونحن بلد زراعي، ولا بد من إخراج هذا الملف إلى دائرة الشفافية، فمقايضة الفوسفات مع دول إنتاج السماد متاحة وبشكل مباشر والعروض كثيرة، وما يُمكن أن يقدمه تاجر من خدمات في بعض القطاعات ليس إلا مبلغاً بسيطاً مما يجنيه من الأسعار المُضاعفة للسماد، ويُمكن أن توفر الجهات المعنية أضعافه بعدة مرات من المقايضة المباشرة أو التوريد المباشر.
عندما تتوافر الإرادة نستطع حل مشكلة السماد التي نملك كل مفرداتها، وبالمقابل لا يُمكن أن نستمر في المشكلة نفسها، فالأسعار عالمية ومعروفة لأبسط مواطن، وعروض المقايضة كثيرة، وتصدير الفوسفات وتوريد السماد لا يخضع للعقوبات، فما الذي يمنع من تأمين حاجة المواسم الزراعية وبأسعار مقبولة ولو كانت أعلى من دول الجوار ولكن بالمنطق لا بالضعف؟.