الثورة – رشا غانم:
من الأفضل لنا أن نستمتع بماهيتنا البشرية، نشعر ونأكل ونبكي ونحزن أيضاً، وأن نتمتع بلحظاتنا مع الآخرين وفي تعاملنا معهم، فربما هناك من يخطط لحرماننا إياها.
فلا تستغرب، وبعد فترة وجيزة من الزمن، سترى الروبوتات منتشرة في كل مكان، تساعدنا في أعمالنا، أو حتى أنها تحل محلنا في كثير من الأماكن والأعمال، وربما سيكون لها مجتمعات كاملة خاصة بها، وبدلاً من أن ترى عبارة “الروبوتات ترحب بكم”، سنرى عبارة كتب عليها “ممنوع دخول البشر”.
معظمنا -إن لم يكن جميعنا- لابد وأن شاهد أو حتى سمع عن تلك المذيعة “ابتكار”، مذيعة الذكاء الاصطناعي وهي تقاطع مذيعة بشرية من لحم ودم، على أحد القنوات، وتقول لها بكل ثقة: “غريب أمركم أيها البشر، فأنتم تعتدون على حقوق الآخرين”، وكأن صانعي الروبوتات يروجون لنا فكرة انخراطها معنا في حياتنا اليومية أو ربما سيتم استعاضتنا بها، وبتلك الطريقة نبدأ بالاعتياد على تلك الروبوتات ونتقبلها.
وقد صادفني بحكم عملي كمترجمة، العديد من المقالات عن ابتكار روبوتات متطورة للغاية، والتي أدهشتني حقيقة، ولكن ليس بنفس القدر الذي أثارت لدي الخوف من المستقبل الآلي وروبوتات “الغباء الاصطناعي”.
فلابد من عدم إغفال الحديث عن “أميكا” والتي وصفتها الشركة المصنعة لها، بأنها الروبوت الأكثر شبهاً للإنسان، حتى أنهم تمكنوا من تطويرها لدرجة أنها تحاكي تعابير الوجه البشري ومن ضمنها التجهم والانزعاج، ليصل بها الأمر بأن تمسك يد الباحث وتوقفه، لأنه حاول أن يتدخل في المساحة الشخصية الخاصة بها، على حد قولهم.
وعلاوة على ذلك، يطمح بعض علماء التكنولوجيا بالوصول إلى ما أسموه “بالحياة الأبدية”، فهم يعملون على تطوير روبوتات لإحياء أشخاص متوفيين، يكون لديها نفس الشكل ونفس التصرفات والسلوكيات، وحتى أنها تتكلم بنفس الطريقة، وقد شجع العديد من العلماء ذلك المشروع ومن ضمنهم، العالم كروزيل، وهو العالم الذي كلفته غوغل بالعمل بمشاريع تتضمن التعليم الآلي ومعالجة اللغة منذ عام ٢٠١٢، ما يعني أن الأمر تمت حياكته منذ زمن، ويتطور الآن، كما أنه ليس من المستغرب بأن تكون فكرة “الأفاتارات” التي جمعينا يعرفها ويستخدمها على وسيلة التواصل الاجتماعي “الفيس بوك”، هي عبارة عن صورة مصغرة ومبسطة، عن تلك الفكرة التي تكلم عنها كل من العالمين كروزيل ود.براتبك.ديساي، حيث يقول الأخير: بأنّه يمكننا إعادة إنشاء وتركيب أحبائنا الموتى كأفاتار يعيشون في جهاز كمبيوتر، وستشمل العملية رقمنة مقاطع الفيديو والتسجيلات الصوتية والوثائق والصور الخاصة بالشخص، ثم تغذيتها بنظام الذكاء الاصطناعي الذي يتعلم كل ما في وسعه عن الفرد، كما يمكن للمستخدمين بعد ذلك تصميم صورة رمزية محددة تبدو وتتصرف تماماً كما يفعل قريبهم، ومما يزيد الطين بلة، فقد ذهب العالم كروزيل إلى حد القول بأن زرع أجهزة الكمبيوتر في أدمغتنا سيحسننا، وسنحصل على قشرة مخية جديدة ونصبح أكثر تسلية وأكثر جاذبية.
والسؤال التالي الذي لابد من أن يطرح نفسه، ترى من هو المستفيد من كل هذا الشيء ومن الذي يسعى إليه؟، وسيكون الجواب بالتأكيد: هم أنفسهم الأشخاص والكيانات أو حتى الدول التي أوجدت فيروسات كثيرة للحد من العنصر البشري لتنفيذ مخططهم بطريقة مريحة أكثر، ناهيك عن العنصر الذكري، فهم -وعلى سبيل الدعابة البحتة- أكثر المستفيدين من وجود روبوتات إناث، فهم يريدون زوجات عاملات لا تمرضن ولا تشخن ولا تتعبن، والأهم من ذلك لا تشتكين.
وفي المقابل، حذر بعض علماء التكنولوجيا كإيلون ماسك من أن وجود مثل تلك الروبوتات قد ينعكس سلباً على الروح الإنسانية، ويبقى السؤال الأهم، هل سينجحون بذلك، وهل حقاً ستصبح الروبوتات، مالكة للأرض التي نحن نعيش عليها ونصبح نحن من نعمل عندهم، كما يشطح البعض بخياله؟ على قاعدة أنهم يريدون روبوتات لا تخطىء وبدون إحساس ومشاعر، على الرغم من محاولاتهم المستميتة لتحويلها إلى بشر، ونحن، بدورنا نقول لهم إنه في النهاية لا يصح إلا الصحيح، ويبقى الإنسان الذي خلقه الله خليفة الله على الأرض.