بأقلام الحكمة والمسؤوليات الوطنية والقومية العليا تفرش دمشق سجادها الدبلوماسي، وتعبد طرقات القلوب، وتنفض عنها غبار الخلافات التي اصطنعتها الأصابع الشيطانية التي غاصت خناجرها عميقاً في جسد منطقتنا لتمزيق شرايين الوصل العروبي، وتلغيم جسور التلاقي بديناميت التفرقة.
اليوم تنتصر سورية للأخوة، لثوابتها التي تجمع ولا تفرق، وتمد جسوراً من ود وتعاون للنهوض الخلاق بواقع دول منطقتنا التي أنهكتها الحروب والفتن وأثقل كاهل شعوبها تداعيات حروب مسمومة، أجج نيرانها أعداء الحق ومفتعلو الأزمات لمنع الاستقرار، وأتعب جسدها الواحد تبعات التباعد عن قلب عروبتها النابض.
خرائط المرحلة التي ترسمها دمشق بروح الأخوة الحقة جلية وواضحة، ومؤشراتها تدلل على ضرورة ردم بؤر التوتر ووجوب التعاون الإيجابي وتجديد بناء العلاقات العربية التي طالتها سهام “فرق تسد” الاستعمارية، على ركائز وحدة الهم والهدف والمصير المشترك.
تدرك الدولة السورية أن هذه المرحلة مهمة لجهة تعزيز الجهود المبذولة لتجاوز مطبات الخلافات وتوجيه البوصلة نحو ما هو استراتيجي لاستقرار وتعافي دول منطقتنا وتعي أيضاً الاستماتات المحمومة والمؤامرات التي ستزداد حدتها من قوى الشر العالمي الذين لم يشعلوا نار الإرهاب ليطفئوها ، ولم يضعوا العصي بعجلات الحلول ونزعوا صواعق التهدئة، ألا خدمة لغايات قذرة مازالت تسيطر على ذهنيتهم العدوانية، لكن رغم كل ذلك، تؤمن دمشق أن أقصر الطرق للحلول المستدامة وإقفال بوابات التدخل الخارجي، هو بالتلاقي على ضفاف المصالح المشتركة للأمة جمعاء.
من القاهرة إلى عُمان إلى الجزائر وتونس فالرياض، تتسارع وتيرة التقاربات العربية لما فيه خير وطننا ومنفعة ومنعة الأمة في مرحلة هي الأكثر مفصلية في تاريخ منطقتنا في ظل تحديات راهنة تعصف بالعالم وتعيد ترتيب أوراق تحالفاته الاستراتيجية بشكل مغاير للأحادية الأميركية التسلطية، ولسورية دورها الريادي المعهود في لمّ الشمل العربي وتحصين منعة الأمة، ولدمشق ثقلها الإقليمي النوعي في ميزان التحالفات الصائبة.
إذاً هي مؤشرات جلية لمواسم مبشرة وقطاف لبيادر صمود السوريين وعمق استشراف مرحلي ومستقبلي ونجاعة استراتيجية للدولة السورية، والسلال السورية ملأى بالإنجازات السياسية والميدانية، والمستقبل واعد لمنطقتنا التي بدأت تنفض غبار التفرقة البغيضة لترسم ملامح الغد بعمق رؤية وسعة إدراك ويقين أن ما يجمعه الوجدان والانتماء والمصير المشترك لا تفرقه المكائد، ولن تنال من أصالته سهام الاستهداف الإسرائيلي الأميركي التي ستتكسر حتماً على صخرة الوحدة والتعاون العربي.
التالي