يقولون في الفلسفة: الكل أكبر من مجموع الأجزاء.. ولكن لولا الأجزاء الصغيرة لما كان الكل حسب مدرسة الغشتالت الفلسفية.
وكثيراً ما نردد: لولا الروافد لما كانت الأنهار الكبرى.. إذاً كل شيء مهما كان صغيراً إذا ما أضيف إلى مثيله يصبح كبيراً حجماً وفعلاً.
هل نسحب ذلك على حياتنا اليومية؟
ليكن ذلك.. بعد أكثر من اثني عشر عاماً من العدوان علينا مازلنا نؤمن بالحياة، ومازلنا نؤمن أن الغد أفضل وأن على هذه الأرض كما قال محمود درويش ما يستحق الحياة.
فكيف إذا كانت هي سورية بكل مخزونها التاريخي والحضاري ويومها وغدها.
إنساننا السوري بريء كما الأطفال، يفرحه كل شيء مهما كان صغيراً .. يفرح اليوم حين يحشر نفسه بين المئات في باص النقل الداخلي .. يفرح حين تأتيه رسالة أسطوانة الغاز بعد ثلاثة أشهر.. ويفرح حين يحصل على ربطة خبز بعد عناء انتظار…
ويفرح حين تنتقل الكهرباء من حال اللمعات السريعة إلى أن تكون ساعة.
وقس على ذلك الكثير من أمور الحياة وتفاصيلها اليومية التي لم نكن نأبه لها لأنها كانت تحصيل حاصل ..لكن العدوان حولها إلى تفاصيل تشغلنا.
اليوم نستعيد عافيتنا، صحيح أن ما جرى ترك ندوباً وأثاراً سلبية كثيرة لكنها ليست قدراً وكما اجتزنا العواصف والظلماء جارية سوف نجتاز هذه المحن ونعيد جوهر الإنسان السوري المبدع.
وهذا لن يكون من دون تفاعل خلاق بين المؤسسات الأهلية والحكومية .. بين الأسرة والمجتمع ..صحيح هي أشياء صغيرة نحتفي بها، لكنها تخفي وراءها الأمل الكبير.
صناع الحياة نحن اليوم والغد ..وأنهارنا الكبرى ستبقى تحفر مجراها وروافدها من دماء القلوب وشرايينها من ارتقوا لنبقى ..
السابق
التالي