وفاء فرج:
رغم صدوره منذ العام ٢٠١٥ لايزال تطبيق قانون التشاركية بين القطاعين العام والخاص حبراً على ورق ولم نشهد سوى النادرمن هذه المشاريع ولا سيما مع وزارة الكهرباء، رغم الكثير من المحفزات التي يقدّمها القانون, وبحسب أراء الكثير من المستثمرين فان الاستثمار في شركات خاسرة للقطاع العام في ظل وجود عبء اجتماعي وأعداد كبيرة من العمالة لا يجدي نفعاً ويبقى دون جدوى، مبدين رأيهم بأن الاستثمار يجب أن يكون مع شركات رابحة كشركة الأدوية تاميكو أو الكابلات وغيرها من الشركات ، وبالتالي يُفهم من ذلك أن القانون لوحده غير كاف إنما يجب أن يكون هناك نية حقيقية للاستثمار المشترك وفي قطاع رابح..
والسؤال الحقيقي الواجب طرحه هنا: هل فعلاً هذا سبب الإحجام عن الاستثمار أم أن هناك أسباباً أخرى؟
عضو غرفة تجارة دمشق ورجل الأعمال محمد الحلاق قال: يختلف عمل القطاع الحكومي عن عمل قطاع الأعمال بعدة أمور أهمها المرونة وتحمل المخاطرة وعدم اللجوء إلى البيروقراطية، فالشراء أو البيع هو وليد اللحظة ولكلّ أمر معطيات مختلفة وظروف مختلفة وزبون مختلف وسوق مستهدف وحسم مختلف وشروط بيعية مختلفة…الخ، بينما تعمل القطاعات الحكومية بطريقة التأمينات والمناقصات والعروض وسواها، مما يؤدي إلى تأخر عمليات الشراء والبيع وارتفاع التكلفة في كثير من الأحيان، وهذا ما يتعارض مع فكر وطريقة عمل القطاع الخاص.
وبيّن أن التشاركية قد تنجح ما بين القطاعين العام والخاص بالنسبة للأمور التي لا يمكن للقطاع الخاص الاستثمار بها، إما من حيث التكلفة المرتفعة جداً جداً، أو من حيث الحصرية، وعلى سبيل المثال استخراج مادة ما من الأرض أو تجهيز مزرعة ربحيه على أرض مملوكة من الحكومة (تكلفة صفرية) هذا بالنسبة للأمور المباشرة، أما عن المعوقات الأخرى فهي تتعلق ببيئة الأعمال بشكل كبير، بالنظر إلى أن أي نشاط لهذا الأمر يجب أن يكون منسجماً مع بيئة الأعمال ككل، حيث أنه من الملاحظ حالياً ضعف قطاعات الأعمال، لعدة أسباب منها التضخم وأهمها انخفاض الدخل، مما يؤدي إلى ضعف المبيعات وبالتالي ضعف فترات استرداد رأس المال.
من جهته المدير الفني في وزارة الصناعة مهند جركش أشار إلى أن وزارة الصناعة قامت بإعداد دراسات لمشروع إعادة تأهيل معمل القوارير الزجاجية وتمّ إدراجه ضمن قائمة التشاركية، ولكن ولأسباب تنظيمية للمنطقة تم التريث بالموضوع والنظر بإعداد بدائل تتعلق بالموقع، مبيناً أنه يتم العمل الآن على إعداد الدراسات لبعض المشاريع الجديدة لطرحها وفق مبدأ التشاركية مع القطاع الخاص.
وأوضح أنه لم يتم البدء بتنفيذ أي مشروع حتى الآن وأنه كان هناك مبادرات ولكن الحركة بطيئة وذلك لأسباب تتعلق بالمناخ الاستثماري العام وبرأيه فان القانون قدّم إحاطة كاملة من جميع النواحي الفنية والاقتصادية والمالية لتحقيق نجاح المشروع وحماية المستثمر .
بدوره الأستاذ في جامعة دمشق كلية الاقتصاد الدكتور عابد فضلية بين أن قانون التشاركية صدر عام (٢٠١٥) و إن عدم وجود استثمارات مشتركة ما بين العام والخاص بناء على قانون التشاركية (ppp/ بابليك برايفيت بارتنارشافت) له العديد من الأسباب وأهمها وأولها :عدم وجود ثقافة تشاركية لا بين العام والعام ولا بين العام والخاص وفي حالات كثيرة عدم وجود مصلحة شخصية للقائمين على العام في الوقت الذي يتحملون به مسؤولية أي خلل في التعاقد التشاركي مع الخاص.
والسبب الثاني: هو عدم وضوح وعدم اكتمال التشريعات المتعلقة بالتشاركية حيث لا يتضح الفرق بين التشاركية وبين المشاركة بحسب نماذج ال(bot) وخاصة أنه لا يوجد تجارب كافية في هذا الإطار، حتى أن القطاع الخاص أيضاً لا يمتلك ثقافة التشاركية وليس لديه الثقة أصلاً بالتشارك لا مع العام ولا مع الخاص، ويظهر ذلك جلياً عند النظر إلى الشكل القانوني لمعظم وحداته الاقتصادية التي يغلب عليها الطابع المؤسسي الفردي والعائلي.
ويرى أن الأهم من كلّ ذلك أن القائمين على القطاع العام يعتقدون أن الشركات التي يمكن طرحها للمشاركة هي الشركات الخاسرة (لإنعاشها) بينما الأصح هو طرح بعض الشركات الناجحة والرائجة لتكون (جاذبة للخاص) وأُنموذجا للتشاركية!!!