في الوقت الذي تشهد فيه الساحة السياسية حالة حراك إيجابي يؤشر لانفراجات، من المنطقي والطبيعي ربما أن تنعكس على الوضع الاقتصادي إجراءات وقرارات وتسهيلات تهيئ البيئة المناسبة والملبية لذاك الحراك للعمل وتحقيق نتائج منتظرة تنتشل المواطن من واقع معيشي واقتصادي يتصاعد حدة وقسوة عليه.
نقول بهذا الوقت تغرد بعض مؤسساتنا خارج السرب في إصرار غير مفهوم تستمر فيه بسياسة الجباية من جيوب المواطنين لسد العجز في الموازنة ومواجهة التضخم -على حد زعمها- ضاربة عرض الحائط بكل الخيارات والحلول الأخرى المتاحة لإحداث نقلة نوعية في أداء وعمل وإنتاجية ونتائج العديد من القطاعات وفي ملفات كثيرة تسبب سوء إدارتها في استمرار أزماتها وتداعياتها على حياة الناس.
من هنا جاء قرار موافقة وزارة الاتصالات لرفع أسعار خدمات الاتصالات صادماً للمشتركين وأثار موجة من الانتقاد، كما كل قرارات رفع الأسعار لقائمة طويلة من المواد والخدمات ولعل أكثر ما يثير الاستغراب فعلاً الدفاع القوي عن الأسباب المقدمة من شركتي الاتصالات الخلوية لرفع أسعار خدماتها لا بل واعتبرتها منطقية ومحقة، في حين تسوق الجهات الحكومية عشرات المبررات لعدم زيادة دخل العاملين رغم الخلل الكبير فيها وعدم تناسبها أبداً مع الواقع والزيادات الجنونية في أسعار كل شيء بل وتعتبر خدمات أساسية من حق المواطن استخدامها بأسعار منطقية تتوافق مع دخله أنها رفاهية.
حقيقة قد يجد المواطن عذراً لدى الجهات التنفيذية عند اضطرارها لرفع الأسعار ولكن أن تكون المواد المطروحة بجودة ونوعية متدنية وأسعارها مرتفعة جداً أو خدمة تتقاضى حقها وتصله بأسوأ مستوى ومنها الاتصالات التي تشهد تدنياً كبيراً في جودتها في مختلف المحافظات فهذا غير منطقي وغير محق أبداً ولا يفسر أو يقرأ إلا من باب الفشل والتقصير في إيجاد حلول ومعالجات لطيف واسع من المشكلات والأزمات عبر مقترحات وأفكار وبرامج خلاقة تنفذ بعيداً عن جيوب الناس الفارغة أصلاً.