الثورة – لينا شلهوب:
استمرار السعي لتحقيق التنمية الشاملة، التي ينتج عنها إحداث الكثير من التغييرات الإيجابية في مختلف مناحي الحياة، شكل محور الورشة التي أقامتها اليوم جمعية ومضات بالتعاون مع محافظة ريف دمشق ومجلس مدينة جرمانا، بعنوان: ” خطوة عملية نحو تنمية محلية فاعلة..من الواقع إلى المستقبل المأمول، مدينة جرمانا نموذجاً”، حيث ناقشت الورشة عناوين عريضة تناولت كيفية تخطيط وتمويل التنمية المحلية، لماذا نسعى للتنمية المحلية، رؤية جمعية ومضات حول التنمية المحلية، كيف نصل لمجتمع محلي نشيط، مع التعريف بقانون الإدارة المحلية رقم ١٠٧، بالإضافة إلى خارطة الطريق نحو التنمية المحلية بمدينة جرمانا، واحتياجات المدينة، مع تقديم رؤية لتطويرها.
رئيس مجلس محافظة ريف دمشق الدكتور ابراهيم جمعة بين أنه تم تحقيق الكثير من الانجازات خلال مسيرة التنمية، ولكن لم يكن ذلك كافياً، لإرساء المجتمع المستقر والآمن، خصوصاً في ظل الأحداث التي مر بها الوطن ، إضافة إلى التوزع غير المتوازن جغرافياً للمشاريع التنموية، ما أدى لهجرة الريف إلى المدينة، بينما واقع الحال الاقتصادي لمعظم الريف، يقتصر على الأنشطة الزراعية البسيطة التي لا تكاد تسدّ رمق أصحابها، ولم يجر توطين الصناعات الزراعية في أماكن إنتاجها، لذا تعمل المحافظة على تعزيز دور التنمية المحلية ودعم المجالس المحلية لتحقيق الأهداف المرجوة منها.
ولفت عضو المحكمة الدستورية العليا الدكتور سعيد النحيلي إلى الإجراءات والوسائل التشريعية والإدارية لتحقيق مستوى فعال ومتميز من التنمية المحلية، مشيراً إلى أنه يمكننا أن نصل إلى مجتمع محلي نشيط عبر الإدارة الرشيدة، وتحقيق ذلك يتطلب عمل جميع القطاعات عبر التشاركية المجتمعية الفعالة، واستناداً إلى ثالوث: تنمية الناس, بواسطة الناس, من أجل الناس، أي عبر تمكين المواطنين وتأهيلهم ليكونوا شركاء حقيقيين وأساسيين في القرار التنموي، عبر الاداريين المعنيين، ليستفيد الجميع من ثمار التنمية، لذا لابد من إصدار التشريعات بعيداً عن المركزية، ليس لأنها مجرد شعار أو رغبة، إنما لأنها حالة، مضيفاً ان المشكلة ليست في التشريع، إنما في النفوس القائمة عليها .
عضو الهيئة التدريسية بالمعهد الوطني للإدارة العامة الدكتور أيهم أسد تطرق إلى أهمية اللامركزية، مع تفعيل التشاركية المجتمعية بين القطاعين العام والخاص، والمنظمات غير الحكومية، مؤكداً أن أي عملية تنمية تستلزم التخطيط، ووضع الخطط، مشيراً إلى أنه ينقصنا على مستوى المحافظات التخطيط المحلي، وحتى الآن لا يوجد لدينا أي وثيقة تؤسس أو توضح منهج عمل للتنمية المحلية، منوهاً بأن الحامل التشريعي موجود، لكن لابد من استثمار الموارد المحلية الموجودة ضمن الوحدات الإدارية، فكل مجتمع لديه كمٌ هائل من الاحتياجات بحاجة لتلبيتها، بالمقابل لديه أنماطاً من الموارد ليس فقط مادية بل مالية وبشرية وثقافية وتراثية وجمعيات وغيرها… لابد من استثمارها، من هنا فإن التفاعل بين الإمكانيات المحلية والفرص الخارجية يتحقق بوجود نظام إدارة محلية، للوصول لخطة تنمية محلية تعكس استثمار هذه الموارد.
وأشار معاون رئيس هيئة التخطيط والتعاون الدولي فضل الله غرز الدين إلى أن عملية التخطيط والتمويل عملية شائكة في ظل العقبات التي تواجه عملية التنمية، بالإضافة إلى الانتقال من المركزية إلى اللامركزية، وهذا يحتم الاستناد إلى المؤسسات والتي هي بالعنوان العريض قواعد اللعبة، أي القواعد التي تحكم اللعبة، وما هي العلاقات غير الرسمية التي تربط قواعد اللعبة، على سبيل المثال التشريعات، ناهيك عن تعبئة الموارد، وما هي القوانين التي تحكمها، كذلك التمويل إذ هناك ضعف في مصادره، وفي عدالة توزيعه، مبيناً أن التشاركية تعد أهم ركائز العمل التنموي.
فيما أوضح رئيس مجلس مدينة جرمانا المهندس كفاح الشيباني أن للورشة دوراً في وضع رؤية واضحة للعمل ومعرفة الاحتياجات والمشاريع الممكن تقديمها للنهوض بالمدينة بشكل كامل، مشيراً إلى أن المجلس يعمل حالياً على نحو 20 مشروعاً تنموياً، سيكون لها أثر لتحسين نوعية الخدمات المقدمة بمعظم المجالات، مشيراً إلى أن الكثافة السكانية في المدينة تقف عائقاً أمام تنفيذ بعض الخدمات، فمدينة جرمانا استقطبت الكثير من المواطنين من المحافظات ومن دول الجوار، فالدعم والتمويل ضعيف مقارنة بالعدد الإجمالي.
كما أكدت رئيسة مجلس إدارة جمعية ومضات المهندسة منال جبر أن الورشة خطوة أولى للتعريف بمفهوم التنمية، وكل ما يتعلق بالتشريعات وخطوات العمل المتعلقة بها، إلى جانب وضع الأولويات وآلية التمويل، منوهة بأنه انطلاقاً من أهمية التنمية المحلية وأهمية قانون الإدارة المحلية رقم ١٠٧، وايماننا بقدرة المجتمع المحلي على التعاطي مع أي حاجة أو موضوع يحدث في جرمانا، جاء التعاون بين الجمعية ومجلس المدينة والذي انبثق عنه ورشة العمل المعلن عنها، مبينة أن التنمية المستدامة تعتمد على بناء القدرات البشرية وتفتّحها، ويكون الإنسان هو أداة التنمية وغايتها، لذلك تأتي أهمية الاستثمار في مختلف المجالات بغية تحقيق التنمية، وتحقيق الإنصاف والشمولية، وبحسب هذه الرؤيا، فإن هدف التنمية ليس زيادة الإنتاج فحسب، بل تمكين الناس من توسيع نطاق خياراتهم، وليملكوا المفاتيح لمخزون العالم من المعرفة.
و أشارت إلى أنه تم اختيار مدينة جرمانا كنموذج، قابل للتطبيق والتعميم في باقي المناطق، مشددة على أهمية تحفيز المجتمع الأهلي للمشاركة والتعاون مع المجلس المحلي للوصول إلى تنمية محلية برؤية علمية وتخطيط سليم.
يشار إلى أن جمعية ومضات تأسست عام 2020، وتعنى بالتوعية المجتمعية وتعزيز السلوكيات الإيجابية في المجتمع والمساهمة في رعاية الأشخاص ذوي الإعاقة.
بدوره أكد نائب رئيس مجلس إدارة جمعية ومضات /جريح وطن/ أحمد عبد الله الأحمد، أنه لابد من الاستناد إلى عدد من المنطلقات أهمها تعزيز المسؤولية لدى المواطن، فكما أن هناك حقوقاً للمواطنين، كذلك عليهم واجبات، وهذا أساس في التنمية المحلية، مضيفاً أنه ليس المطلوب طرح مشاكلنا على المعنيين، إنما علينا تقديم حلول أو المساهمة فيها ضمن الإمكانيات، ويتحقق ذلك عبر إحداث برامج توعية وطنية ليكون هناك تعاون واعٍ ما بين المواطن والمسؤول، والتكامل ما بين الشعب والدولة، والتعاون ما بين المجتمع والسلطة، وبهذا نصل إلى ترجمة نوع من التنمية المحلية .
التالي