اختلفت طبيعة النقد الدرامي خلال السنوات الأخيرة، فبدلاً من الاحتكام لبضعة معطيات أكاديمية يفندها الناقد، اليوم أصبحت الذائقة هي الحكم حتى النقاد القلائل الذين لا يزالون يتعاطون مع الكتابة الدارمية، اختلفت طبائع كتاباتهم.
ولكن الأمر المهم ليس في وجود النقد أو تغيره، بل هل يؤخذ بتلك الآراء النقدية؟
ربما يتفهم تلك الآراء بعض من يمتلك مشروعه الفني، ولكن حين يعلو صوت لغة السوق، هل يهم تلك الآراء التي تفند العمل وتحاول تحليله وتقديم قيم معرفية مضافة، وهل نحن في زمن القيم الثقافية أو أنها مهمشة حتى إشعارآخر؟
بالتأكيد موسم اثر آخر نكتشف أن هناك تغطيات درامية تابعة للعمل الدرامي، وليست سابقة له، أو يعتد بآراء من ينتمون لها.
صناع الدراما يبرمجون أعمالهم وفق معطيات خاصة، تصاغ لتلائم معطى لغة السوق، المسلسل عبارة عن منتج له صيغته ونوعيته التي يقبلها سوق الدراما، وتقبل محطات العرض بتبنيها، والغريب في الأمر أن ما ترغب به المحطات هو عبارة عن قانون يتسرب إلى شركات الإنتاج وكتاب النصوص بحيث باتت الأعمال تستنسخ، أو تشتغل على الطلب بحيث بتنا كل عام نعيش مع موسم درامي نمطت الأنواع التي تلقى رواجاً، وعلى ما يبدو أن أي نقد عاجز عن زحزحة تلك الدائرة المترابطة المصالح الدرامية، وعلى كلّ من يرغب باختراقها الانصياع لقوانينها.
قوانين تستمر ربما لعقود قبل أن يحاول أحد ما، العمل على تكسيرها، وإدخال ولو ملمح درامي جديد يمكن البناء عليه، في هذا الموسم كان استثنائياً في الانقياد، نحو تنميط السوق ولغته فعشنا موسماً امتلأ بالأكشن والبوليسي والشامي…
ولم يفلت من هذه الصيغ إلا بعض المسلسلات ولكنها اتجهت إلى تنميط مختلف له علاقة بإنتاج نجوم باتت اكتب الأعمال خصيصاً لهم.