على وقع هول التداعيات الكارثية ” الاقتصادية والسكنية والمعيشية والنفسية” لزلزال 6 شباط المدمر، جاءت الهبة الحكومية الاستثنائية، وخارطتها الوطنية الاستثنائية، وبرنامجها التنفيذي الاستثنائي ليشكلوا “مجتمعين” شارة انطلاق قطار إعادة إعمار كلّ ما خربه ودمره ونسفه الزلزال في ثوانٍ قليلة معدودة.
على وقع هذه الكارثة غير المسبوقة التي طالت البشر والحجر والشجر، وما تبعها من هزّات ارتدادية صادمة ومدميه، جاء حراك الحكومة الذي قد يعتقد البعض أنه سالك بيسر وسهولة، ومعبد بالقرارات والتوصيات والتعاميم التنفيذية الورقية، ولن يشوبه أي معوقات خارجية ” الحرب ـ العقوبات ـ الحصار ـ المقاطعة”، أو داخلية “مماطلة ـ تأخير ـ تسويف ـ حجج واهية ـ ثغرات ـ هفوات مقصودة وغير مقصودة”.
للوهلة الأولى ونظرياً .. كلّ ما سبق ذكره صحيح، لكنّه لن يحرك ساكناً ولو قيد أنملة في أي من ملفات المحافظات المنكوبة ” اللاذقية ـ حلب ـ حماة”، ولن يوقف شلال تساؤلات واستفسارات المتضررين من الكارثة، الذي لم ينقطع من 6 شباط وحتى تاريخه، ما لم يقترن كلّ ما سبق بالأفعال ثم الأفعال ثم الأفعال التي نتمناها جمعياً أن تطغى على الأقوال والأمنيات المكتبية.
كلّ ما سبق يؤكد للقاصي والداني أن مشكلتنا لم تكن في يوم من الأيام مشكلة رسم الخطط ووضع الاستراتيجيات، وإقرار القوانين والتشريعات وإصدار القرارات، وما أكثرها … ولكن بآلية تطبيقها دون أن يمسها أي شكل من أشكال الفساد “وتحديداً من تجار الحروب والأزمات” الذي من شأنه أن ينسف ويفشل أي خطّة مهما كانت.
نعم، أهمية أي خطّة تنطلق من إيجاد قاعدة بيانات أقرب إلى الدقة والواقع والمنطق والعقل، وهذا ما تعمل الحكومة على وضعه موضع التنفيذ العلمي ـ العملي، إيماننا منها بأهمية الرقم الإحصائي كمؤشر يعتمد عليه أصحاب القرار في رسم السياسات وتنفيذها وإخراجها بقالب نموذجي كامل متكامل لا تشوبه أي شائبه .. إيماناً منها بمساعدة المجتمعات المتضررة على استعادة حياتها الطبيعية، وتنشيط عجلة الاقتصاد في المناطق المتضررة والتعاون بين القطاع الحكومي والخاص والأهلي لإيجاد فرص عمل ومصادر دخل للمتضررين، وبناء برامج تنمية للمشروعات الصغيرة والبداية من القرار الاستثنائي بإعفاء منشآت التمويل الصغيرة من العديد من الالتزامات المالية والضرائب والأخذ بيدها للتعامل مع آثار الزلزال بمرونة أكثر، وتقديم منح خاصة للمتضررين لاستعادة نشاطهم الاقتصادي، وإعادة تفعيل المنشآت في موعد أقصاه نهاية عام 2024، والتركيز وبشكل مباشر على الجانب الاجتماعي والإنساني وتقديم الخدمات للشرائح الأضعف من المتضررين ” الأيتام وذوي الإعاقة والمسنين والفقراء باعتبارهم محور الخطة، وعنوان نجاحها في هذا الامتحان الوطني الصعب لا المستحيل.