لفترة محدودة جداً شكلت الأسواق الشعبية التي أحدثت في مناطق عدة في المحافظات منفذاً مهمّاً، وفرصة مناسبة لتسويق المنتجات الزراعية، حيث البيع المباشر من المزارع إلى المستهلك، وبما يحقق نسب ربح مناسب للمزارع البائع، إضافة لرضى المستهلك عن أسعار تلك المنتجات، قياساً بأسعار الأسواق العادية وأسعار تلك المنتجات عند الباعة الآخرين.
إذ إن فروقات الأسعار بدت واضحة جداً، ماجعل الأسواق الشعبية تشهد إقبالاً لافتاً من قبل الكثيرين، حيث الجودة والنوعية في عرض المنتجات، ولاسيما في وقت المواسم الزراعية، ومايزرعه الفلاح من أصناف عدة سواء من الخضار أو من الفاكهة أو غير ذلك من خيرات المواسم الصيفية والشتوية بأنواعها ومسمياتها المختلفة.
واللافت هو تنوع المواد المطروحة في السوق الشعبي، وبما يلبي قدراً كبيراً من متطلبات احتياجات المستهلك الغذائية اليومية من خضار وفاكهة ومنتجات أخرى تختص بها الأسر الريفية من ألبان وأجبان ومشتقاتها المتنوعة، ومربيات ومنتجات مجففة وغيرها الكثير، حيث البيع المباشر من دون وجود حلقة الوسيط في هذا الأمر، وأهمية ذلك في الفائدة المحققة للمنتج والمستهلك معاً.
فتباعاً واجهت تلك الأسواق صعوبات ومعوقات متعددة، منها مايتعلق بالمكان وأهميته كموقع جذب للاستهلاك، ومنها مايخص المساحة المحددة لعرض المنتجات، وعدم تناسب المساحة مع كمية المعروضات، إضافة لتكاليف مادية مترتبة على المنتجين بما يتعلق بأجور النقل المرتفعة، وأجور اليد العاملة وغيرها، مما ساهم بارتفاع أسعار المنتجات، متزامنة مع ارتفاعها في بقية الأماكن.
وحتى مع التأكيد المستمر من الجهات المعنية على أهمية التوسع بتجربة الأسواق الشعبية لتشمل مختلف المناطق في المحافظات، إلا أن تلك التجربة لم تشهد التوسع المطلوب، وبقيت محدودة في مناطق دون أخرى، إضافة لعدم تناسب موقع السوق وقربه من مكان المنتجات، مع عدم الأخذ في الحسبان الصعوبات التي فرضتها ظروف تكاليف المنتج وتسويقه من جوانب عدة.
متابعة هذه التجربة المهمة، وتقييمها المستمر يبدو مهماً للغاية، مع مايتطلبه ذلك من حلول لتجاوز جميع صعوباتها ومعوقاتها، والتوسع بها لتكون شعبية بامتياز، في وقت يتأكد فيه دور القطاع الزراعي وأهمية استثمار مقدراته وإمكاناته مع جميع القطاعات الأخرى الإنتاجية والخدمية وتعزيز مساهمتها في عملية التنمية والبناء.