أثار اطلاق محافظة دمشق حملة مكثفة للحد من المخالفات والإشغالات غير النظامية المنتشرة في أحياء العاصمة لما تسببه من ازدحام ومضايقات لحركة المشاة ومرور السيارات الكثير من الآراء بين مؤيد بشدة لهذا التوجه الذي يعتبره متأخراً حتى بعد الانتشار الكبير لتلك التعديات، وبين من تحفظ عليه بهذه الظروف معتبراً أنه قطع لرزق الناس ومعيشتهم.
وبالطرف المقابل يرى البعض أن فورة المحافظة ونشاط دوائر خدماتها التي ظهرت جلية في إزلة البسطات والتعديات الكبيرة على الأرصفة التي هي حق فعلاً لكل مواطن وخاصة في مناطق محددة قرب جامعة دمشق وشارع الثورة وكراجات العباسيين ناهيك عن الضجيج والمظهر غير الحضاري تلك الفورة لن تستمر طويلاً وتجربة السنوات الماضية حاضرة بقوة وتشير إلى أن الإزالة تمت أكثر من مرة وبدت بعدها مناطق عدة أكثر راحة في السير وتنقل المواطنين ولكن لأيام قليلة فقط يعود بعدها أصحاب البسطات لنشاطهم بزخم وقوة لا بل مع عبارات تردد دائماً تدخل الكبار والداعمين لهم ولن يتجرأ أحد على إزالة بسطاتنا.
بعيداً قليلاً عن كل الآراء المطروحة والتي بمجملها محقة وواقعية لم يكن مقبولاً أبداً استمرار انتشار الاشغالات بشكل واسع في مختلف المناطق والأحياء بدمشق مع كل ما تحمله من تلوث بصري ومخلفات ترمى تزيد من أعباء عمال النظافة ونوعية البضاعة المتداولة على البسطات ولاسيما الغذائية التي تباع دون رقيب نعم هناك عشرات الأسر التي تعتاش من وراء البسطة والتوجه إليهم كأولوية من قبل محافظة دمشق قد يراه البعض مجحفاً وظالماً دون اعتماد نفس الأولوية بالنسبة لتعديات كثيرة منتشرة وتلوثها كبير جداً منها محال تصليح السيارات التي لايزال العديد منها قائماً رغم تأمين بديل لهم ومحال بيع السيارات التي تنشتر سياراتهم الفارهة المعروضة للبيع في أرقى أحياء دمشق وتعيق حركة السير وتحتل الأرصفة إضافة لسوء واقع الطرقات والحفر المنتشرة فيها وأيضاً ضمن أهم شوارع العاصمة لذلك فسر التوجه المحق حقيقة والمطلوب بأنه بغير وقته ونال من الحلقة الأضعف وكان يمكن أن يكون توجهاً مكتمل الأركان لو أخذت المحافظة بعين الاعتبار تأمين أماكن محددة في مناطق تختار بعناية تسمح لأصحاب البسطات بالبيع فيها بعد تهيئة البيئة التحتية المناسبة.
طرحت قبل سنوات فكرة إنشاء أسواق الضيعة وهي معتمدة في دول كثيرة وتلقى إقبالاً كبيراً من المستهلكين تعرض فيها منتجات المزارعين وغيرهم للبيع وحددت حسب ما أذكر المناطق التي ستحدث فيها ولكن التجربة لم تظهر بالصورة المطلوبة واللائقة لذلك جاء الانتشار العشوائي للبسطات وافتراش الأرصفة من الباعة ودخول الجميع في لعبة القط والفار.
استمرار التعدي على الأملاك العامة أمر مزعج وغير مقبول ولابد من قرار جدي بالتخلص منها ولكن من الضروري ايجاد بديل فوري للناس المتضررة.