” السوق يتحدث..”

السوق باعتباره مكاناً لتبادل السلع والخدمات بين بائعٍ ومشترٍ، تتوفر فيه مجموعات واسعة من منتجات تشكل جزءاً أساسياً من الاقتصاد في المجتمعات الحديثة، فلابد لصوته أن يعلو سواء سمعناه، أو صممنا آذاننا عنه.. وها هو السوق المعاصر الذي تغيرت منافذه، وتنامت عبر الشبكة الذكية لم يعد يسوّق لنفسه بقدر ما بات يؤثر على أمزجة المستهلكين بشكل مباشر.

فالسوق المعاصر بتقنياته الحديثة من عرضٍ، وإغراءٍ، وتسهيلاتٍ للشراء، وللخدمات انعكس تأثيره على المستهلك ليحدث تغيّراً في الطريقة التي يتفاعل بها المستهلكون مع السلع وخدماتها.. فمن خلال البحث عن المنتجات عبر (الإنترنت)، ومراجعة تقييماتها، وتجارب المستخدمين الآخرين لها، أصبح المستهلكون أكثر عدالةً في معاييرهم التي يستندون إليها عند اتخاذ قرارات الشراء.. كما أن توفر الخيارات المتعددة، والمنافسة الشديدة بين الشركات جعلت المستهلك يتمتع بقدرة أكبر على الاختيار بحرية وفقاً لمتطلباته، واحتياجاته الشخصية.

وإذا كان السوق يشجع المستهلكين إيجابياً في البحث عن منتجات، وخدمات تتماشى مع أوضاعهم الاقتصادية فإن هذا يعكس تحولاً نحو مستهلكين أكثر وعياً مما يمكن له أن يؤثر أيضاً إيجابياً على تطور المنتجات، والخدمات معاً بشكل كبير.

لكن من جانب آخر يمكن للسوق كذلك أن يؤثر على أمزجة المستهلكين بشكل سلبي إذا ما تم تشجيعهم على الشراء الزائد، وبالتالي الإنفاق الزائد، وما يجعل المتعة في الشراء تتحول إلى نقمة في السداد، وهذا ما يستدعي بالتالي من الشركات، والحكومات العمل معاً على حماية المستهلك، لتحقيق توازن بين التنمية الاقتصادية، وتحسين جودة الحياة في المجتمعات الحديثة.

لقد أصبحت الدعاية في العصر الحديث وسيلة فعالة لتوجيه أذواق المستهلكين، وتشجيعهم على الشراء، بل تحولت الدعاية إلى صناعة متخصصة تستخدم الكثير من الأدوات، والتقنيات لتحقيق أهدافها.. وعلى هذا فالدعاية المعاصرة باتت تتميز بالعديد من الخصائص التي لا توجه الأذواق فقط بل تستلب المستهلك، وتجتذبه نحو منتجها، فمن خلال استخدام الألوان، والصور، والموسيقا، والكلمات المعبرة تعمل الدعاية على إيقاظ العواطف، والمشاعر لدى المستهلكين، وجذب انتباههم.. ويهدف هذا إلى توجيه اهتمامهم نحو منتجات، وسلع تعرضها الشركات، وهي تنفق الأموال الطائلة لدعايتها التي تبثها سواء عبر وسائل الإعلام، أو على شبكة المعلومات، وعوائد الأرباح من ورائها مضمونة، ومكفولة بدراسات جدوى لا تخطئ هدفها في إنشاء صورة إيجابية للعلامة التجارية، وتعزيز الولاء لدى المستهلكين.. فإذا ما شعر المستهلك بالرضا عن المنتج، والخدمات أصبح أكثر عرضة للعودة مرة أخرى للشراء، وأكثر استجابة للإعلانات، وهذا ينعكس بدوره مزيداً من أرباح الشركات.

إن استخدام التحليلات، والبيانات، واعتماد استطلاعات الرأي، وغيرها مما توفره شبكة المعلومات من خلال متاجرها الإلكترونية، كما سهولة مراقبة وسائل التواصل الاجتماعي من قبل الشركات الكبرى ما أتاح لها الوصول إلى آراء المستهلكين، وتعليقاتهم على المنتجات، والخدمات، ومن ثم استخدام هذه المعلومات لتحليل سلوك المستهلكين، وتحديد اهتماماتهم، والتوجه مباشرة نحو مستهلكين بعينهم فتترصدهم بحملاتها الإعلانية وهي تستهدفهم بعد فهم احتياجاتهم كما لو أنها السهام تتوجه نحوهم، فعندما يكون بالإمكان تحليل أنماط سلوك المستهلك، واهتماماته استعانة بالبحث الجغرافي في مناطق محددة مع الأخذ بعين الاعتبار للكثافة السكانية فيها، والعوامل الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية التي تؤثر عندئذ تستطيع المنتجات، والخدمات أن تلبي احتياجات الزبون المستهدف بشكل أفضل، وبالتالي تحقيق نجاح لها وفوز أكبر نحو الأهداف.

ومع تطور التكنولوجيا وما توفره من تسوق رقمي مريح، ومتعدد النوافذ أصبح الناس أكثر تفاعلاً مع السوق، وإصغاءً لصوته عندما يتحدث إلى درجة أنهم باتوا يقعون بسهولة أكبر في فخ الدعاية الزائفة، والمضللة التي توهم بمزايا، وفوائد غير حقيقية مخلفة وراءها خيبة أمل، وخسارة قبل أن ينال منها الرفض مستقبلاً.

كل هذا يدفعنا لا لأن نبحث عن الشراء، وننساق وراء الدعاية، والإعلان، وقد فعلت فعلها في تغيير الأذواق بل أن نبحث عن أخلاقيات السوق، والمسؤولية الاجتماعية المترتبة عليه، فلا غش، ولا تضليل للمستهلك، ولا شركات تبحث عن الأرباح فقط ومن بعدها الطوفان.

فليتحدث السوق واقعياً كان أم رقمياً بما يحلو له مادام ضمن الضوابط التي يجب عليه احترامها، والشركات من ورائه تدعم بعضها بعضاً.

آخر الأخبار
ريال مدريد يفتتح موسمه بفوز صعب  فرق الدفاع المدني تواصل عمليات إزالة الأنقاض في معرة النعمان محافظ إدلب يستقبل السفير الباكستاني لبحث سبل التعاون المشترك ويزوران مدينة سراقب رياض الصيرفي لـ"الثورة": الماكينة الحكومية بدأت بإصدار قراراتها الداعمة للصناعة "نسر حجري أثري" يرى النور بفضل يقظة أهالي منبج صلاح يُهيمن على جوائز الموسم في إنكلترا شفونتيك تستعيد وصافة التصنيف العالمي الأطفال المختفون في سوريا… ملف عدالة مؤجل ومسؤولية دولية ثقيلة مبنى سياحة دمشق معروض للاستثمار السياحي بطابع تراثي  "السياحة": تحديث قطاع الضيافة وإدخاله ضمن المعايير الدولية الرقمية  فلاشينغ ميدوز (2025).. شكل جديد ومواجهات قوية ستراسبورغ الفرنسي يكتب التاريخ اهتمام تركي كبير لتعزيز العلاقات مع سوريا في مختلف المجالات الساحل السوري.. السياحة في عين الاقتصاد والاستثمار مرحلة جامعية جديدة.. قرارات تلامس هموم الطلاب وتفتح أبواب العدالة تسهيلات للعبور إلى بلدهم.. "لا إذن مسبقاً" للسوريين المقيمين في تركيا مرسوم رئاسي يعفي الكهرباء من 21,5 بالمئة من الرسوم ..وزير المالية: خطوة نوعية لتعزيز تنافسية الصناعي... لقاء سوري ـ إسرائيلي في باريس.. اختبار أول لمسار علني جديد تركيب وصيانة مراكز تحويل كهربائية في القنيطرة زيارة وفد الكونغرس الأميركي إلى دمشق… تحول لافت في مقاربة واشنطن للملف السوري