المحادثات السورية الإيرانية بين السيدين الرئيسين بشار الأسد وإبراهيم رئيسي، كانت غنية بعناوينها ومضامينها، وزيارة الرئيس الإيراني بحد ذاتها غنية أيضا بدلالاتها في هذا التوقيت الاستثنائي والحساس الذي تمر فيه المنطقة، وما تشهده من تحولات إيجابية لمصلحة شعوبها، وكان لصمود البلدين في وجه التحديات المشتركة الأثر الأكبر في إحداث تلك التحولات، وكذلك في إحداث التغيرات على الساحة العالمية، الأمر الذي أثبت مجدداً صوابية المبادئ السياسية لسورية وإيران.
العلاقات السورية الإيرانية غنية عن التعريف كما أكد الرئيس الأسد، وهي في الواقع قد تجاوزت العلاقات التقليدية بين الدول، وأصبحت مصيرية نظراً للتهديدات المشتركة التي يتصدى لها الشعبان السوري والإيراني، فهما يقفان معا في خندق واحد ضد الإرهاب الذي تغذيه الولايات المتحدة وشركاؤها في الغرب، والكيان الإسرائيلي، لخدمة مشاريعهم الاستعمارية، وهذا الإرهاب يشكل خطراً وجودياً ليس على سورية وإيران وحسب، وإنما على المنطقة والعالم بأسره.
الزيارة حملت رسالة مهمة لكل المراهنين على إمكانية فصل عرى الشراكة الوثيقة بين البلدين والشعبين الصديقين، لتثبت مجدداً أن التحالف الاستراتيجي بينهما يستحيل فرط عقده، وإنما يزداد قوة ورسوخاً، لاسيما وأنه أكد حضوره القوي وتأثيره الفاعل على مجرى الأحداث الإقليمية والدولية، من خلال الانتصارات المتتالية التي حققها محور المقاومة، والمعادلات الميدانية والسياسية التي فرضها، بفضل الرؤية الصائبة لدمشق وطهران، واللتين راهنتا دوماً على انتصار الحق فربحتا الرهان.
أجواء التقارب والمصالحات التي تشهدها المنطقة اليوم، هي انعكاس حقيقي لصحة الأسس والمبادئ التي بنيت عليها العلاقات بين سورية وإيران، ويعززها صمود البلدين، وفشل القوى الغربية في النيل من سيادتهما واستقلالهما، ولذلك من الطبيعي أن تزداد تلك العلاقات رسوخاً وثباتاً، لاسيما وأنها ارتكزت دوماً على مبدأ الثقة والاحترام المتبادل، وعزز من متانتها رؤيتهما الثاقبة في استشراف ملامح المستقبل الزاهر والآمن لشعوب المنطقة ككل، وكذلك القواسم المشتركة في تعاطيهما مع العديد من القضايا على الساحة الدولية.