جامعة الأعراب وموسم الخدمات المجانية

ثورة أون لاين – بقلم رئيس التحرير عـــلي قــاســـــــم:
بعد أكثر من مئة وثمانين شهيداً وأكثر من ألف وأربعمئة جريح، وجدت جامعة الأعراب أن الوقت قد حان كي تعلن حضورها في بيدر الوساطات، على وقع ما يجري من تراكض واضح في تقديم الخدمات للعدوان، وكلٌ من الزاوية التي يعتقد أنها الممر إلى نيل الثناء الإسرائيلي.

في الحسابات الجزئية، لا تختلف المعادلات عن تلك الرائجة في عناوين السياسة الأميركية، التي أمطرت الموقف بكثير من التكهنات والتوقعات، ولا سيما في ضوء الإعلان مبدئياً أن أقصى ما تستطيع أن تقدمه هو الدخول في وساطة توقف نزيف الرصيد السياسي والدبلوماسي الذي وصل إلى حضيضه الأخير.‏

جامعة الأعراب لم تجد في الأمر ما يدعو إلى الحرج في الحديث المطول وتقديم الخطابات السياسية، التي تتقاطع مع مسار ومنحى الرغبة في العودة إلى نسق ما كانت تعمل عليه قبل أن يحل الصقيع العربي، بعد أن أوصلت رسائلها باتجاه نقل عدوى التبلد في المشاعر والأحاسيس، وأن تصبح القضية الفلسطينية في آخر لائحة الاهتمامات العربية، أو أن تدرج على أجندة المؤجلات الكبرى من القضايا.‏

من هذه الزاوية لا يستطيع أحد أن يجادل في مقدرة الأدوات العربية على تقديم خدماتها لإسرائيل، وهي التي تمتلك تجربة واسعة وخبرة مشهوداً لكثير من أطرافها، وتحديداً تلك التي صادرتها على تخوم موجة الصقيع الأخيرة، ولا نعتقد أن هناك جهة قادرة على ترجمة ذلك كما هي حالها، وحتى تلك التي حيدتها الإدارة الأميركية في الآونة الأخيرة، فحين تطلب إسرائيل تزول كل المحظورات، وحين تقتضي المصالح الإسرائيلية تبطل كل المحرمات، وما كان عقوبة أو معاقبة يتحول بفعل الحاجة الإسرائيلية إلى الثناء والمكافأة.‏

على هذه القاعدة انتظرت جامعة الأعراب كل ذلك الوقت ولم تحرك ساكناً، لأن آلة القتل الإسرائيلية لم تشفِ غليلها من الدم الفلسطيني، ولأن قادة العدو لم ينتهوا من خط رسائل العدوان والهمجية كاملة، فكان لا بد من التريث لبعض الوقت، ولا بد من ضوء أخضر يأتي من إسرائيل مباشرة أو من واشنطن بالوكالة.‏

في تنديدها المعلن، لم تخف جامعة الأعراب ما يدور في ذهن من صادرها، وهي تعرف إلى حد الاتقان ما هي الحدود المسموحة وأين تقع إحداثيات المواقف الممنوعة، وفي بيانهم المستنسخ من بيانات سابقة وفي مفرداته المستعارة من اجتماعات سابقة لم تعدل ما يستحق التوقف، فالعدو لم يغير في أدوات القتل ولا في أسلوب الاستهداف، ولم يعدل في ملامحه أو مظاهر عدوانه، وبالتالي لا حاجة إلى تعديل ولا إلى تغيير.‏

على القاعدة ذاتها أطلقت الأعراب قبل أن تلتقي على طاولة جامعة النعاج سلسلة من المواقف التي تتبنى النهج ذاته، وكانت رسائل تخطب ود إسرائيل لم تخطئ في العنوان ولا في التفاصيل، ولم تتجاوز في كل ما أعلنته خط الفصل بين ما يصلح للاستهلاك الإعلامي وبين ما يوفر لإسرائيل حاجتها من ممرات إضافية للخلاص من مأزق ضعفها ومن معضلة فشلها.‏

لا تبدو المسافة الفاصلة كبيرة بين ما يجترحه الأعراب من خطوات وبين ما تطلبه إسرائيل أو ما ترغب به، ولا تبدو الخدمات التي تقدمها تبتعد عن عتبة الطموح الإسرائيلي، في خلطة هجينة باتت فيها الألوان واللغات والمفردات متوافقة أو متطابقة مع ما سبق أن طرحته إسرائيل قبل ان تشن عدوانها، ولوحت به قبل أن تمارس حماقتها المعهودة، وفي أقلها أنها لا تختلف عما تروج له إسرائيل في نهاية المطاف.‏

غزة التي اعتادت على اجتماعات صنفتها منذ زمن في خانة الفائض من السقوط العربي تعود إلى المشهد ذاته مع متغيرات أبرزتها سقوف ومحتويات النعوش الإضافية، التي أنتجتها مناخات الصقيع الذي يجول على أرجاء مهجورة، ويلهث خلف قشة الغريق الأخيرة الطافية على أزمنة الجولة الأخيرة، قبل أن يعلن مخاض الإرادة الخلاص من ربقة الحسابات التفصيلية لكثير من الأعراب وما ولدته فيهم جامعة «النعاج».‏

a.ka667@yahoo.com

آخر الأخبار
الحرب التجارية تدفع الذهب نحو مستويات تاريخية.. ماذا عنه محلياً؟ الرئيس الشرع يستقبل وفداً كورياً.. دمشق و سيؤل توقعان اتفاقية إقامة علاقات دبلوماسية الدفاع التركية تعلن القضاء على 18 مقاتلاً شمالي العراق وسوريا مخلفات النظام البائد تحصد المزيد من الأرواح متضررون من الألغام لـ"الثورة": تتواجد في مناطق كثيرة وال... تحمي حقوق المستثمرين وتخلق بيئة استثماريّة جاذبة.. دور الحوكمة في تحوّلنا إلى اقتصاد السّوق التّنافس... Arab News: تركيا تقلّص وجودها في شمالي سوريا Al Jazeera: لماذا تهاجم إسرائيل سوريا؟ الأمم المتحدة تدعو للتضامن العالمي مع سوريا..واشنطن تقر بمعاناة السوريين... ماذا عن عقوباتها الظالمة... دراسة متكاملة لإعادة جبل قاسيون متنفساً لدمشق " الخوذ البيضاء" لـ "الثورة: نعمل على الحد من مخاطر الألغام ما بين إجراءات انتقامية ودعوات للتفاوض.. العالم يرد على سياسات ترامب التجارية "دمج الوزارات تحت مظلّة الطاقة".. خطوة نحو تكامل مؤسسي وتحسين جودة الخدمات بينها سوريا.. الإدارة الأميركية تستأنف أنشطة "الأغذية العالمي" لعدة دول The NewArab: إسرائيل تحرم مئات الأطفال من التعليم الشعير المستنبت خلال 9 أيام.. مشروع زراعي واعد يطلقه المهندس البكر في ريف إدلب برونزية لأليسار محمد في ألعاب القوى استجابة لمزارعي طرطوس.. خطّة سقاية صيفيّة إيكونوميست: إسرائيل تسعى لإضعاف وتقسيم سوريا المجاعة تتفاقم في غزة.. والأمم المتحدة ترفض آلية الاحتلال لتقديم المساعدات أردوغان يجدد دعم بلاده لسوريا بهدف إرساء الاستقرار فيها