التبغ ، القطن وقبلهما الحرير هذه المحاصيل كانت في يوم من الأيام من أهم المنتجات السورية بنوعينها ومواصفاتها ، وكان من يحصل على الألبسة المصنوعة من القطن السوري أو الحرير يعتبر أنه يرتدي أميز الألبسة وأفضلها نوعية بظل وجود أمهر الصُناع، وكذلك الأمر بالنسبة للتبغ فمن كان يحصل على علبة سجائر من التبغ السوري يباهي بها لنظافتها وطعمها وحسن تصنيعها.
اليوم نحن بلا حرير، وما تنتجه شركاتنا من الخيط والتبغ يعتبر الأسوأ ، فالخيط المنتج محلياً من القطن السوري رغم سعره المرتفع فهو يفتقد للجودة ويتقطع أثناء الحياكة وتكلف حياكة كيلو من الخيط السوري ضعف الوقت لحياكة كيلو من الخيط المستورد، أي استهلاك عمالة ووقود مضاعف وإنتاج قليل، الأمر نفسه بالنسبة للدخان الوطني ضمن العلبة كل سيجارة بطعم وملمس مختلف.
طبعا المشكلة ليست بالقطن ولابالتبغ السوري ولم يكن بالحرير، المشكلة بالدرجة الأولى والثانية والثالثة متعلقة بتسعير الحكومة لهذه المحاصيل بأقل من كلفة إنتاجها، ما يجعل المزارع يقوم بفرز منتجاته، وبيع الأسوأ منها للحكومة والنوعية الجيدة و الممتازة للتجار، و لمن يود التأكد عليه أن يستنطق مهربي القطن إلى الشمال إن لم يكن شريكاً في التهريب، أو أن يسأل المدخنين بكم يشترون التبغ العربي.
معالجة الأمر ليست بمداهمة مخازن المزارعين ومصادرة ومنع نقل المنتجات، المعالجة تكون بإنصاف المزارع ومعاملة الإنتاج المحلي بما يقارب السعر الذي نستورد به على الأقل وبما يُغطي التكاليف مع هامش ربح يضمن إمكانية الاستمرار ، وعندما نحل مشكلة السعر وتنمر لجان الاستلام نضمن إنتاج كبير ونوعية ممتازة، وحينها لا يتم تهريب القطن والقمح إلى دول الجوار، و عندما ننصف مُزارع التبغ ونحسن التصنيع نضمن تصدير كميات كبيرة منه بدل أن نستورده من دول الجوار كلبنان الذي يستلم التبغ من المزارع بأربعة اضعاف تسعير الحكومة، عندما يتحقق ذلك فإننا نضمن إنتاجاً كبيراً وأرباحاً أكبر لشركات الغزل والتبغ تصبُّ في خزينة الدولة وليس في جيوب المهربين و التجار.
معد عيسى