لا شك أن للفوائد المترتبة على تمويل القروض دوراً في رفد المصارف بإيرادات مالية تلعب دوراً -على قلّتها وربما مجهريّتها- في تسجيل نسبة مساهمة في نمو بيانات هذا المصرف أو ذاك، ولكنها في نفس الوقت تلعب دوراً هاماً في القضاء على آخر أمل للمقترض في تحقيق الجدوى الاقتصادية من القرض الذي تموله.. والذي يحتاجه.
من المؤكد أن الفائدة حق للمصرف ومن خلفه بالطبع الجهة المشرفة التي تحدد نسب الفوائد عن طريق المجالس المعنية لديه أو معه، ولكن من المؤكد أيضاً أن الفائدة المقبول مطلب حق للمواطن الذي لن يقدم على التورط بقرض ما لم يكن مضطراً لمبلغه، في وقت بات فيه كل فرد من الشعب يبتعد قدر الإمكان عن تكبيل نفسه بدفعات متواترة لأن الغد لا يمكن التنبؤ به.. ولا بعقابيله عمن لم يتمكن من السداد.
تدهور القوة الشرائية للمداخيل والأجور وانهيار دخل المواطن، كلها عوامل ضمن توليفة متنوعة من العقبات والتحديات أمام كل فرد من المجموع تجعل من شبه المستحيل قبول عبء إضافي كفائدة القروض التي يحتاجها المواطن بشدة، ما يعني انتفاء الغاية والهدف وحتى الجدوى من إعلان القروض هنا وهناك..
بعبارة أخرى: البلاد خارجة من حرب استمرت أقله تسع سنوات وزلزال مدمر لم يمر على البلاد مثله، الأمر الذي يدفع للسؤال: ما الذي يخسره المصرف -أي مصرف لا فرق- ومن خلفه جهاته المشرفة على عمله في هذا المجال إن جعل الفائدة رمزية لغايات محددة على مستوى الأفراد تشجيعا لهم، فبدلاً من 11% على سبيل المثال ما الخسارة في جعلها 5% وكلنا يعرف ولا شك أن القروض غير مجدية حالياً وما من إقبال عليها مهما حملت من مغريات، فما بالك بقيود تكبّل متموّلها!!
الفترة حرجة والنمو والتنمية والعمران والإعمار كلها نواحٍ كما بقية نواحي الحياة لا يمكن أن تتم دون المصارف، فالمصارف هي نسغ الحياة لا ناحية يومية أو إستراتيجية، فكما النسغ يجري في عروق النبات ليتألق ويخضر كذلك المال الذي تضخّه المصارف -افتراضاً- بتشعباتها يخلق ازدهاراً للحياة، شرط أن يكون لكل مصرف رؤية خاصة به تتوافق مع مصالحه ونموّه، أما أن يتحول المصرف إلى بائع بسطة سقفه صراف معطل وسحوبات يومية وورقة نقدية تالفة، فذلك يعني أن من الضرورة بمكان إعادة هيكلة قطاع بأكمله بإداراته وأهدافه واستراتيجياته حتى يكون على مستوى الحدث.

السابق