تكتب دمشق على صفحات العروبة أبجدية الإخاء الأصيل بمداد انتمائها الراسخ، وبحروف الوجدان المشترك، وآمال النهوض الخلاق لأمة مهما أمعنت خناجر أعدائها باستهدافها فإنها لن تستطيع فصل عرى ترابطها التاريخي الوثيق، ولن تتمكن من أن تباعد أفئدة أو تفصل شرايين تلاقيها على جسور وحدة الهم والهدف والمصائر المشتركة، فالعروبة كانتماء وهوية هي الجامعة إن اشتدت الخطوب واستعرت المحن، وهي الحصن المنيع والدرع الذي يجب أن تتكسرعلى متانته سهام التمزيق والفتنة والتفرقة.
يحمل انعقاد القمة العربية في جدة غداً، بمشاركة سورية القلب النابض للأمة العربية، في توقيتها ودلالاتها الكثير من المعاني، فهي تأتي بعد أكثر من عقد زمني من حروب شرسة استهدفت المنطقة وما زالت سيناريوهات المؤامرات تتنوع وتتعدد وتغير لبوسها لمنع تلاقي دول منطقتنا على جسور التعاون والعمل المشترك الذي يصوب الرؤى ويجترح الحلول وتتضافر فيه الجهود مجتمعة للتركيز على ما يجمع ولا يفرق ويعود بالمنعة والازدهار على دولنا مجتمعة والسلام والخير العميم على شعوبها.
فما يشهده العالم من إعادة صياغة معادلات قوة متوازنة وتحالفات جيوسياسية يحتم على دول منطقتنا إعادة التموضع على الضفة الصحيحة وعقد تحالفات استراتيجية تعزز موقع دولنا وثقلها في ميزان التحالفات العالمية، تحالفات صائبة وعلاقات رشيدة تبني ولاتهدم، تتضافر فيها الجهود الحثيثة لتثبيت موقع ريادي لتعزيز أهمية وثقل عالمنا العربي دوراً ارتكازياً وتأثيراً وفعالية في معادلة التوازنات المؤثرة في ميزان القوى العالمي الجديد.
المشهد العربي اليوم أكثر وضوحاً وأكثر توازناً وأبعد رؤية واستشرافاً مرحلياً ومستقبلياً.. فمن القمة العربية في جدة ننتظر بزوغ فجر واعد للمنطقة ومستقبل نرجوه مبشراً على كل المستويات تضع خارطة طريق عناوينها العريضة التكاتف والعمل الجمعي المشترك نهجاً وسبيلاً لبلوغ أسمى المقاصد برؤى مختلفة ومقاربات استراتيجية جديدة.
فخرائط الحاضر العربي ومستقبله تترسخ بالتضامن والتآزر والتكاتف لتتمكن دول المنطقة من مواجهة التحديات والتغلب على الصعوبات مهما تعاظمت.. والمستقبل سيكون مشرقاً واعداً إذا توحد الهدف والبوصلة.. الآمال معقودة على قادم أيام يعود فيه للعمل العربي المشترك ألقه ووزنه ومفاعيله على المستوى الإقليمي والدولي.