الثورة – سلوى إسماعيل الديب :
“الشاعر محمود نقشو أحدَّ أهم ينابيع الشعر العذب على الساحة الشعرية من مدينة حمص، حمصُ المدينة المطرّزة بالحكايات والمعطرة بالشعر والشعراء، يعتمد شاعرنا التفعيلة في نظمه الحداثة في جملته الشعرية، له أكثرّ من اثني عشر منجزاً في الشعر والدراسات الأدبية ” بهذه الكلمات بدأ محاضرته الناقد محمد رستم في رابطة الخريجين الجامعيين في حمص بحضور نخبة من أعضاء ورواد رابطة الخريجين الجامعيين.
أشار بداية “رستم” لشكل الغلاف وما عليه من رسومٌ وكتابات، لأنّه جزء هامٌّ من خطاب الديوان، يظهر فيه مجموعة خيول ترمح في فضاء من سديم وضباب، وفي حالة من رؤية غائمة وفي أسفل اللوحة بحر وجبال باللون الغامق ..
وأضاف: العنونة هي عتبة الأولى للديوان، هو عنوان القصيدة الأولى فيه “خيول فوقَ بنفسجية” استبطن هنا معنى تخيلياً يوسع معنى حامل اللغة المعجمي، فالخيول البنفسجية هي المعاني أو القصائد بما فيها من معان، يشي بذلك مضمون الديوان
والبنفسج هو لون الحزن، ورمز الوضوح والتوازن بين الحواس والروح بين الأرض والسماء، هو لون الروحانيات إشارة إلى الحب والحكمة، كما يمتاز بطاقة هائلة فالخيول البنفسجية ذات طاقة كبيرة، والبنفسجي يجعل الأخر أكثر توهجاً وتألقاً.
أضاف محمد رستم: للحديث على المعنى والمبنى في الديوان سألقي الضوء على خصوصية النصوص الإبداعية والكشف عن العناصر البنائية والأسلوبية، التي أسهمت في تخلّقها وتبيان الدلالات والرؤى المخبوءة فيها والشعر ليس جملاً وتراكيب بل عوالم وفضاءات جديدة ..
نجد في الديوان أكثر من قصيدة هي في حقيقتها بكائية وطن ودالية ألم، ترسم بوضوح كيف أطلقت الحرب غربانها، وفصلت أكفانها وتمزق المجتمع وتفرّق بين جريح وشهيد، وضائع في المنافي.
لذا نجد البوح لديه ينوس بين حقلين متضادين حقل الواقع الأليم وحقل الأمنيات والآمال والأحلام، بما فيها من هدهدة للرغبات كقصيدة رتوش أخيرة على مسودة البقاء.
وتبرز في جغرافية الديوان موضوعات متنوعة ففيه الحديث عن الشعر والشعراء في أكثر من مكان .
يقول: نقشو: “النهرُ ممرُّ أوحدُ للمعنى/ ومسارٌ معتادٌ للماءِ الأسمى/ يَسْتَوْجِبُ في السردِ التظْليلْ/ والشاعرُ ضاقَ بهِ استحواذ النهر/ النهرُ مملٌّ أحياناً ”
وفي قصيدة “في مدار الشعر”
“أرى أنّ القصيدة لم تقلْ بَعْدُ الوداعَ/ ولم يَبِتْ في الشارعِ الشعر/ الكلامُ يريدُ وقتاً كي يُحدّدَ مبتداهُ ومنتهاكْ/ فلا تتركْهُ في الأحراشِ يصطادُ القليلَ من الظلالِ/ ويعجنُ طينةَ الشعرِ البهيِّ من استدراتِ الهلاكْ
يتناول الديوان قضايا فكرية وفلسفية قصيدة قصاصات مثال على ذلك وتلحظ في المبنى كيف يعتمد الشاعر التكثيف والتراكيب الحداثوية.
نلاحظ كيف يغلف الشاعر محمود نقشو قصيدته بالغموض المحبب الذي يغري الذهن بالتفكير لاستجلاء الصور المخفية والمعاني المخبوءة في الجملة الشعرية
وبكرم الطائي أترع الشاعر بوحه بلوحات تضج حركة وحياة.
غاية الشاعر من جنوحه إلى الأفعال هو إعطاء الصورة مزيداً من الحياة ومزيداً من الحركة مما يجعل لغة النص حركية غير محنطة وتبدو وحدة القصيدة العضوية من خلال الحقل المعجمي الواحد لمفرداتها شواهد من قصيدة ” في مدار الشعر”
اختتمت المحاضرة بنقاش قيم بين مؤيد للناقد ومعارض لما طرحه.