خبراء وأكاديميون لـ « الثورة»: كلمة الرئيس الأسد تضمنت مفاهيم ورؤى حضارية معاصرة

لقاء عبد الحميد غانم:
في علم السياسة، كما هو الأمر في باقي العلوم ومجالات المعرفة الأخرى، تحظى المصطلحات على أهمية كبيرة في استخدامها للتعرف على الظواهر والنظريات والحقائق التي تحفل بها العلوم الطبيعية والاجتماعية من أجل تفسير هذه الظاهرة أو تلك.


لكن في عالم السياسة الأمر مختلف، فقد نشهد حرب مصطلحات، كما هو حاصل في حربنا مع العدو، الذي يستخدم هذا النوع الخطير من الحروب في استهداف مكانة سورية ودور أمتنا العربية الحضاري في سياق الصراع السياسي والوجودي مع المخطط الصهيوني الأميركي الغربي الذي يحاول من خلال استغلال إمكانات الهيمنة السياسية والمالية والإعلامية لتوظيفها في صناعة المصطلحات على شاكلة صناعة أسلحة التدمير الشامل وغيرها لإرهاب الشعوب واختراق ثقافتهم وفكرهم وتدمير مستقبل أجيالنا، وتشويه فكرهم من خلال اختراق الوعي الجمعي، وتشكيل ما يعرف بالوعي الزائف الذي ينشئ قطاعات شعبية وشبابية تؤمن بمنظومة من القيم والمفاهيم تخلق حالة من الوعي الزائف الذي يؤسس لوجهة نظر ومواقف تفتقد الهوية والانتماء وتتماشى مع المخطط المعادي الذي يراد فرضه على الأمة .
ولأهمية كلمات وخطب السيد الرئيس بشار الأسد وما تتضمنه من أفكار ورؤى حضارية تكشف زيف الأضاليل والمصطلحات المصنعة غربياً، حاورت “الثورة” عدداً من أساتذة كلية العلوم السياسية بجامعة دمشق حول المضامين العميقة والفكرية الهامة لكلمة الرئيس الأسد أمام القمة العربية التي عقدت في جدة، وتناولها في التحليل السياسي بهدف توضيحها وإدراكها من قبل جيل الشباب.

د.حسون: تناقض شعارات الغرب

الأستاذ الدكتور محمد حسون عميد كلية العلوم السياسية في جامعة دمشق أكد في هذا السياق أن السيد الرئيس بشارالأسد لا يكتفي كالعادة بتحديد المخاطر وطبيعة الداء بل يحدد أدوات العلاج وطرقه ودائماً يمتاز حديثه بشفافية عالية وقراءة موضوعية للواقع، يحدد من خلالها أين تكمن التهديدات؟، وكيف يمكن لنا تحويل الفرص إلى إنجازات لتجاوز الواقع.
وقال الدكتور حسون: إنه كالعادة يشكّل البعد الحضاري والثقافي المعاصر الجانب الأهم في خطاب الرئيس الأسد وحجم التهديدات التي يعاني منها مشروعنا الحضاري والثقافي(العروبة)، وخصوصاً على يد الليبرالية الجديدة التي تحاول تفكيك أواصر العلاقة بين أبناء المجتمع وإحلال حالة الصراع بين أبناء المجتمع تحت مسميات العرقية والشوفينية لضرب البعد الحضاري الحقيقي للمشروع العربي.
وأكد الدكتور حسون أن الرئيس الأسد حذر من مخاطر الليبرالية الحديثة التي حاولت منذ الأيام الأولى للحرب على سورية زرع أفكار ونشر شعارات كاذبة ومضللة ومخادعة للأجيال مثل “الحرية” و”الديمقراطية” و”الإصلاح” و”الثورة”، وقال: لقد أبرز الرئيس الأسد في كلمته أمام القمة العربية وفي كلمات وأحاديث سابقة التناقض الواضح بين مزاعم الغرب الليبرالي حول تفسير تلك المصطلحات وتطبيقها، وبين الواقع العربي والمطلوب للنهوض بالمجتمع وتطوره وتقدمه، في حين أريد من ورائها التدمير والتخريب والتقسيم.
ونوه الدكتور حسون بأنه من المؤسف أن الغرب الذي يصور نفسه بالمتحضر ويقدم النصح لا يملك تراثاً ديمقراطياً ولم يقدم للعالم نموذجاً للحريات، ولم يكن مخلصاً أو صادقاً في دعواته للحرية والإصلاح، لذلك هو غير جدير بالثقة، وهو ما يكشفه الرئيس الأسد في كلماته ويوضح زيف إدعاء الليبرالية الحديثة وكذبها وتضليلها للرأي العام العالمي ولشعوبها، والتي تتغطى بشعارات وتنفذ وتطبق سياسات نقيض لها، حيث تمارس العدوان والاحتلال والقهر ونهب الثروات بحق الشعوب المستضعفة.
وقال الدكتور حسون: إنه بالوقت الذي أشار الرئيس الأسد فيه إلى خطورة المشروع الصهيوني الذي يشكل مع العثمانية الجديدة ثنائية خطرة لضرب كلّ مكامن القوة في المشروع القومي العربي، فإن الجامعة العربية هي المكان الذي يجب أن يرتكز فيه الحوار، ولتحقيق ذلك علينا تطوير هذه المؤسسة، بكلّ بساطة لم تعد الجامعة بأدواتها الحالية قادرة على أن تقدّم الحل من دون تطوير أدواتها ونظامها الداخلي ومنح الجميع القدرة على الحوار والنقاش البنّاء للوصول إلى حلول .
وأضاف الدكتور حسون: أما بالنسبة للعناوين اليومية فهي ليست سوى أعراض للمخاطر الكبرى التي تهدد المجتمع ولم نصل إلى حلول لها، فهذه المشاكل اليومية هي أعراض وليست جذر المشكلة، والأهم هو عدم التدخل في الشؤون الداخلية وترك الشعوب تحل قضاياها الداخلية، ودائماً يركز السيد الرئيس على العروبة الحضارية والثقافية والتي تشكل مفهوم الانتماء الحقيقي النابع من القلب، بعيداً عن الأحضان، مع التأكيد على الأمل المستمر والحقيقي مع التقارب العربي والذي تشكل القمة فيه حالة فارقة.

د. عيسى: إصلاح ميثاق الجامعة العربية


من جهته أكد الدكتور نمير عيسى نائب عميد كلية العلوم السياسية للشؤون العلمية بجامعة دمشق أن البعد القومي والمصلحة العربية شكلت محدداً رئيساً للسياسة السورية على الرغم من كلّ التحديات والمخاطر التي تعرّضت لها سورية طيلة اثنتي عشرة سنة، وشكلت توجهاً رئيساً لمواقف سورية القومية الحالية، والتي تجلّت في كلمة الرئيس الأسد أمام القمة العربية الأخيرة.
وقال الدكتور عيسى: شكل البعد القومي محور كلمة الرئيس الأسد في القمة العربية على الرغم من السياسات التي استهدفت سورية والأخطار التي تواجهها وتواجه الأمة العربية بدءاً من الخطر الصهيوني وانتهاء بالخطر العثماني وتحدي التنمية.
ونوه الدكتور عيسى بأن الهم العربي أضحى واضحاً في مواقف سورية، وتأكيد الرئيس الأسد على إعادة النظر بآلية العمل العربي المشترك وضرورة وضع رؤى واستراتيجيات وأهداف مشتركة وضرورة إصلاح الجامعة العربية وميثاقها وآلية عملها بما يتماشى مع متطلبات العصر، ودعوته إلى القيام بمرحلة جديدة من العمل العربي المشترك والتضامن العربي لتحقيق السلام والازدهار بدلاً من الحرب والدمار.
وأشار الدكتور عيسى إلى أن ماضي سورية وحاضرها ومستقبلها هو العروبة، وقال: إنه وعلى الرغم من كلّ ما تعانيه سورية من آثار الحرب والحصار والعقوبات الاقتصادية الظالمة لم يكن هم الرئيس الأسد ينصب فقط على المصلحة السورية ،وإنما على كلّ القضايا التي تعاني منها الأمة العربية، فقد تحدث عن سورية بالقدر نفسه الذي تحدث فيه عن فلسطين واليمن وليبيا والسودان، وكان جلّ اهتمامه النهوض بالأمة العربية والعمل العربي المشترك ليتحول العرب إلى قوة إقليمية فاعلة في المنطقة والعالم بدلاً من سياسة رد الفعل دائماً لاسيما أننا نملك في الوطن العربي كلّ مقومات القوة الاقتصادية والثقافية والسياسية والاجتماعية والجغرافية القادرة على أن يكون للعرب الدور الحضاري الفاعل والهام في العالم.
وأكد الدكتور عيسى أن العروبة في مفهوم الرئيس الأسد هي العروبة الحضارية مفهوم منفتح على كلّ الأعراق والأديان والتوجهات السياسية والفكرية وليست على أساس شوفيني عرقي أو تعصب قومي.
وقال الدكتور عيسى: لقد أكد الرئيس الأسد دائماً على أن مفهوم العروبة يبنى دائماً على أساس ثقافي وفكري يجسد مصالح أبناء الأمة ويقوم على عوامل اللغة والتاريخ والثقافة والرفعة الجغرافية والتاريخ والمصير المشترك التي تنتج الهوية القومية العربية والانتماء القومي العربي.
ونوه الدكتور عيسى بأن الرئيس الأسد أكد أن أهمية الأوطان ليس بمساحتها أو عدد سكانها أو ثرواتها بل ببعدها الحضاري الثقافي وبدور شعبها التاريخي وبالسيادة والإرادة لمواجهة تحديات الحاضر ولصناعة المستقبل، وأن مخططات الأعداء لا تستهدف أشخاصاً أو حكومات بعينها كما يخيّل للبعض، بل تستهدف بنية الوطن ودوره وتفكير أبنائه لتحويلها في نهاية المطاف إلى قطعان تقاد عن بعد.
وأشار الدكتور عيسى إلى أن قوة سورية كما نوه الرئيس الأسد، في العروبة في ماضيها وحاضرها ومستقبلها وبالانفتاح والتنوع وإظهار مكوناتها، وأن أعداء سورية يريدون أن تنشغل سورية بقضايا ذاتية هامشية منعزلة ضمن حدودها القطرية بعيداً عن حدودها الطبيعية القومية التاريخية، وهم يريدونها أن تكون منكمشة ومنقسمة ومفتتة الهوية والشخصية الثقافية.

د. جزان : كي لا نضيع في خضم حرب المصطلحات


وفي هذا السياق، يرى نزار جزان أستاذ السياسات العامة المقارنة في جامعة دمشق، أن الرئيس الأسد من خلال كلمته لمس مواضيع عديدةً على غاية من الأهمية، كان أهمها على الإطلاق التأكيد مجدداً على أن سورية، ورغم كلّ ما عانته في السنوات الماضية، كانت ومازالت وستبقى مقياس الانتماء للعروبة وقلبها النابض، وأن هذا الانتماء العروبي هو من الثوابت السورية وأمرٌ مسلمٌ به ولا يمكن أن يتغير، لأن المبادئ الراسخة لا يجوز أن تتبدل وفق متطلبات الزمان، كما لا يمكن للأزمات والسياسات أن تحرف الانتماء العروبي لسورية.
وقال الدكتور جزان: إن العروبة هي شعور وإحساس بالانتماء لهذا الوطن العربي كله من دون تفريطٍ في ذرة ترابٍ منه، ومن لديه هذا الشعور فهو العربيٌّ الحق، وبالتالي فإن السعي نحو تجاوز الخلافات وتوحيد الصفوف والانطلاق بالعمل العربي المشترك على أسسٍ بيِّنة وواضحة واجبٌ تفرضه عروبتنا علينا لمواجهة الليبرالية الغربية الحديثة التي تستهدف تجريدنا من هويّتنا والنيلَ من أمننا واستقرارنا.
وأكد الدكتور جزان على ضرورة فهم المصطلحات والأفكار في كلمة الرئيس الأسد وكلّ كلماته وخطبه بما يساعد الأجيال على المخاطر والتحديات العالمية ووعي مسؤوليتهم في الدفاع عن هويتهم وانتمائهم وعن حقوق وطنهم وأمتهم ومواجهة العدو الذي يحاول تزوير الحقائق باستخدام إمكانات هيمنته العلمية والإعلامية والاقتصادية في محاولة منه لاختراق أجيالنا ونشر الفوضى والإرهاب في مجتمعاتنا العربية.
وقال الدكتور جزان: من هنا يأتي الاهتمام الكبير في كلمات الرئيس الأسد وشرح مفهومها الواضح إلى أبناء سورية وأمتنا حتى لا نضيع في خضم حرب المصطلحات التي يشنها أعداؤنا، ونقبل بالواقع المخطط لنا من قبل أعدائنا.
وحذر الدكتور جزان من مخاطر الاستهداف الخارجي في المجال الفكري والثقافي والإعلامي ومن التلاعب بالمصطلحات ومحاولة العدو اختراق مجتمعنا عبر تسويق مصطلحات خاطئة، وقال: الطامة الكبرى في ترديد أجيالنا تلك المصطلحات بشكل ببغائي دون معرفة مضمونه ووعي دلالاته وتأويلاته حيث يصبح هؤلاء جزءاً من المشروع المعادي منفذين لأجندات خارجية ثقافية وسياسية.
ولذلك من هنا كما يؤكد جزان تكمن أهمية فهم فكر الرئيس الأسد ووعي مضامين كلماته بما يساعد شبابنا على النجاة من الوقوع في سطحية المعنى أو الانزلاق بتطبيق مخطط العدو بشكل غير واع وهو ما يجب على مؤسساتنا التربوية والتعليمية تمثل مفاهيم الرئيس الأسد في مواجهة المصطلحات المغرضة.

 

آخر الأخبار
وزارة الثقافة تطلق احتفالية " الثقافة رسالة حياة" "لأجل دمشق نتحاور".. المشاركون: الاستمرار بمصور "ايكو شار" يفقد دمشق حيويتها واستدامتها 10 أيام لتأهيل قوس باب شرقي في دمشق القديمة قبل الأعياد غياب البيانات يهدد مستقبل المشاريع الصغيرة في سورية للمرة الأولى.. الدين الحكومي الأمريكي يصل إلى مستوى قياسي جديد إعلام العدو: نتنياهو مسؤول عن إحباط اتفاقات تبادل الأسرى إطار جامع تكفله الإستراتيجية الوطنية لدعم وتنمية المشاريع "متناهية الصِغَر والصغيرة" طلبتنا العائدون من لبنان يناشدون التربية لحل مشكلتهم مع موقع الوزارة الإلكتروني عناوين الصحف العالمية 24/11/2024 رئاسة مجلس الوزراء توافق على عدد من توصيات اللجنة الاقتصادية لمشاريع بعدد من ‏القطاعات الوزير صباغ يلتقي بيدرسون مؤسسات التمويل الأصغر في دائرة الضوء ومقترح لإحداث صندوق وطني لتمويلها في مناقشة قانون حماية المستهلك.. "تجارة حلب": عقوبة السجن غير مقبولة في المخالفات الخفيفة في خامس جلسات "لأجل دمشق نتحاور".. محافظ دمشق: لولا قصور مخطط "ايكوشار" لما ظهرت ١٩ منطقة مخالفات الرئيس الأسد يتقبل أوراق اعتماد سفير جنوب إفريقيا لدى سورية السفير الضحاك: عجز مجلس الأمن يشجع “إسرائيل” على مواصلة اعتداءاتها الوحشية على دول المنطقة وشعوبها نيبينزيا: إحباط واشنطن وقف الحرب في غزة يجعلها مسؤولة عن مقتل الأبرياء 66 شهيداً وأكثر من مئة مصاب بمجزرة جديدة للاحتلال في جباليا استشهاد شاب برصاص الاحتلال في نابلس معبر جديدة يابوس لا يزال متوقفاً.. و وزارة الاقتصاد تفوض الجمارك بتعديل جمرك التخليص