29 أيار… ملحمة بطولة وفداء

كتب المحرر السياسي ناصر منذر:

يمثل 29 أيار يوماً مجيداً وخالداً في تاريخ سورية، تفتخر به الأجيال المتعاقبة، حيث ضربت ثلة من رجال قوى الأمن الداخلي من حامية البرلمان السوري أروع المثل في الفداء والتضحية وإنكار الذات،‏ بعدما استشهدوا بنيران المحتل الفرنسي لرفضهم أداء تحية العلم للمحتل عام 1945، فكانت دماؤهم منارة ألهبت المقاومة والكفاح، وحققت الحرية والاستقلال.‌‏
وقد شكل هذا اليوم المجيد بأحداثه الدامية محطة مهمة بنضال الشعب السوري الأبي في مقارعة المستعمر الفرنسي الذي ما إن وطئت أقدام قواته المحتلة تراب سورية أواخر 1918 حتى جوبهت بمقاومة شعبية عنيدة امتد أوارها إلى كل شبر في أرض الوطن على مدى ربع قرن ونيف واستمرت بأشكال مختلفة من مواجهات دامية مع جنود الاحتلال أينما حلوا إلى إضرابات شاملة واحتجاجات عامة.
ففي التاسع والعشرين من أيار من عام 1945 كثف المستعمرون الفرنسيون من دورياتهم العسكرية في شوارع دمشق ومختلف المدن السورية إمعاناً منهم في الاستفزاز والاعتداء على الحريات والحرمات، وطوقت مصفحاتهم مبنى البرلمان وسدت الطرق المؤدية إليه، كما أرسل القائد الأعلى للقوات الفرنسية في سورية آنذاك الجنرال اوليفا روجيه تهديداً مباشراً إلى رئيس المجلس النيابي بالانتقام من المواطنين السوريين الذين هبوا ضد المستعمر الفرنسي واشترط عليه أن تقدم حامية البرلمان من رجال الشرطة والدرك التحية للعلم الفرنسي عندما ينزل مساء على ساريته فوق مبنى الأركان الفرنسية المقابلة للبرلمان.
وما إن قوبل التهديد بالرفض وامتنعت الحامية عن أداء التحية للعلم الفرنسي حتى باشرت الأسلحة الفرنسية صب حممها على مبنى البرلمان، ووقف حماته يدافعون عن مواقعهم ببسالة وشجاعة نادرتين في معركة غير متكافئة ببنادقهم المتواضعة في مواجهة المصفحات والمدافع والرشاشات، وكانوا ثلاثين في مقابل المئات وبعد أن نفدت ذخيرتهم وشبت الحرائق في المبنى وتهدمت أجزاء منه اقتحمه جنود الاحتلال الفرنسي المدججون بالحقد والسلاح وأجهزوا على من بقي من عناصر الحامية, ولم ينج من الثلاثين إلا اثنان نالت منهما الجراح وظنهما المستعمرون في عداد الأموات وهما الشرطيان إبراهيم الشلاح ومحمد مدور اللذان حملا لقب الشهيد الحي وعاشا إلى زمن قريب يرويان تفاصيل تلك الجريمة الاستعمارية السوداء وبطولات شهداء ذلك اليوم.
ولم يقتصر عدوان التاسع والعشرين من أيار على مجزرة البرلمان بل طال مدينة دمشق بأسرها وباقي المدن والبلدات السورية وفق خطة مبيتة، إلا أن هذه الجرائم لم تسعف المستعمرين ولم تمكنهم من إخضاع شعبنا الصامد وقهر إرادته الوطنية بل زادته إصراراً على النضال والمقاومة إلى أن تحقق له ما أراد بجلاء آخر جندي مستعمر عن أرض الوطن في السادس عشر من نيسان عام ستة وأربعين وتسعمئة وألف.
التاسع والعشرون من أيار بما جسده من وفاء للوطن، وتضحيات في سبيل عزة سورية واستقلالها، لم يكن الموقف النضالي الوحيد لقوى الأمن الداخلي،‏ فكما قدمت التضحيات الجسام خلال سنوات النضال ضد الاستعمار الفرنسي، كانت لها مواقفها المشرفة ومشاركاتها العملية في معارك فلسطين عام ثمانية وأربعين، وخلال حرب تشرين التحريرية، وهي جادت بالشهداء والجرحى ووقفات الرجولة في مقارعة الإرهابيين، وقوى العدوان الأميركي والاستعمار الغربي والصهيونية التي خططت للحرب الإرهابية على سورية.‏
يوم 29 أيار اتخذت منه قوى الأمن الداخلي عيداً سنوياً لها، لأنه كان أحد الأيام الممهورة بدماء رعيل من شهداء الشرطة والدرك كانوا حماة للبرلمان آنذاك، وقضوا كرماء في وقفتهم البطولية ضاربين أمثولة حية في الصمود والدفاع عن عزة الوطن وكرامته، والتزاماً صادقاً منهم بإرادة المقاومة الشعبية طلباً للحرية والاستقلال.‏
ذكرى “شهداء البرلمان” ستبقى ذكرى عطرة ومفخرة في عقول وأقلام السوريين، فكل التحية والإجلال والإكبار لشهداء 29 أيار ولشهداء الجيش العربي السوري، ولكافة الشهداء الذين دافعوا عن تراب هذا الوطن وصون سيادته.‌‏

آخر الأخبار
130 فرصة عمل و470 تدريباً لذوي الإعاقة في ملتقى فرص العمل بدمشق مساعدات إغاثية تصل إلى 1317 عائلة متضررة في ريف اللاذقية" عطل طارئ يقطع الكهرباء عن درعا تمويل طارئ للدفاع المدني السوري لمواجهة حرائق الغابات بريف اللاذقية إغلاق مؤقت لمعبر كسب الحدودي بسبب الحرائق في ريف اللاذقية محافظ حلب يتابع انطلاق امتحانات الثانوية كبار في السن يتقدمون لامتحانات الثانوية العامة بدرعا 20482 متقدماً في اللاذقية لامتحانات الثانوية العامة والشرعيّة ارتفاع الكشفيات الطبية في درعا يدفع المرضى لحلول بديلة تسويق 29 ألف طن قمح في درعا في حضرة الغياب.. نضال سيجري العفوية المدهشة والفن الصادق إزالة أكشاك بمحيط حديقة الجاحظ في المالكي بدمشق 15 ألف طالب وطالبة في امتحانات الثانوية العامة بدرعا تحسين البنية التحتية الكهربائية في الفوقا ودير مار سركيس انطلاق ملتقى فرص العمل للأشخاص ذوي الإعاقة بدمشق بين الفهم والحفظ والتحليل..  طلاب الفرع الأدبي: أسئلة الفلسفة طويلة والوقت قصير  طلاب الثانوي العلمي في امتحانهم الأول.. أسئلة الفيزياء متوسطة الصعوبة  وزير الطوارئ يثمّن الدعم القطري لإخماد حرائق ريف اللاذقية في اليوم العاشر للحرائق... عمليات ميدانية مكثفة لعزل النيران وتبريد البؤر الساخنة   امتحانات الشهادة الثانوية في سوريا.. محطة مفصلية تحدد مصير آلاف الطلاب ومستقبلهم