تحتفل نقابة الصحفيين في العراق مطلع الأسبوع المقبل بعيدها الرابع والخمسين بعد المئة عبر مهرجان إعلامي وثقافي واجتماعي وفني كبير يظهر من خلاله العمق التاريخي والحضاري للعراق العظيم، فالصحفيون العراقيون الذين قادوا مسيرة الثقافة وحملوا مشعلها على امتداد سنين طويلة، ما زالوا اليوم يقدمون الكثير الكثير، مستخدمين كل أدوات التكنولوجيا الحديثة وتسخيرها في خدمة المحتوى الإعلامي والمعرفي وتأطير عمله في وسائل الإعلام المختلفة.
وهم يتخذون من تاريخ إطلاق صحيفتهم الأولى ( الزوراء) عيداً للصحافة العراقية يقدمون من خلال مهرجانه الصورة المشرقة للعراق أمام الوفود العربية والأجنبية المشاركة وفق ما يصرح به الأستاذ مؤيد اللامي نقيب الصحفيين العراقيين ورئيس اتحاد الصحفيين العرب خلال ترؤسه للاجتماعات المتواصلة مع الهيئات والجهات الحكومية المكلفة بالتنسيق وتقديم الدعم والمساندة بشكل كامل وذلك ضمن منهجية عمل واضحة بمشاركة وطنية كاملة.
هي ليست المرة الأولى التي يحتفل فيها الصحفيون العراقيون بعيدهم، لكنهم في كل مرة يضيفون جديداً، وإن كنت قد شاركت بالعديد من هذه المهرجانات على امتداد سنوات طويلة فإنني أرى هذه الاحتفالية تمثل حالة متقدمة يرسل من خلالها العراق رسالة قوية للعالم بأن إعلامه الوطني هو إحدى الركائز الوطنية الراسخة التي تدعم بنية الدولة وتستعيد المكانة التاريخية للعراق في المجالات كافة، فالعراق الذي أنتج أقدم الحضارات وحمل رسالة الحضارة على امتداد آلاف السنين، ما زال هو ذاته القادر على إنتاج القدرة الذاتية التي تواجه منعكسات الحصار والغزو والاحتلال والإرهاب، وتقدم الصورة المشرقة لأرض عشتار وشريعة حمورابي وقوة شلمنصر وعلوم الرشيد وأدب السياب والجواهري، ليكون الإعلام وصحافة العراق الحامل الأساس لهذه النهضة والشارح لكل النشاطات.
وعندما يستضيف العراق صحفيين من أكثر من خمسين دولة من كبار صحفييها فإنه يدرك أهمية حضورهم للاطلاع على حجم التطور والتقدم ونقله إلى وسائل إعلامهم ودولهم، لتزيد وتمتن علاقات التعاون والتنسيق وتبادل الخبرات مع العالم، وتبقى بلاد الرافدين أرض الحضارات المنتجة كما أسطورة الفينيق المتجدد في حيواته بما يتوافق مع كل ظرف مستجد.