ما من وطن إلا ويمر بمحن أو تصيبه نوائب وقد تكثر عليه عاديات الزمن تطول أو تقصر..يختلف أثرها وندوبها حسب وقعها..
ولكن من المؤكد أن الأوطان بهمة أبنائها وقدرتهم على التضحية والفداء تتجاوز ما يصيبها وتعمل على بلسمة الجراح وبالوقت نفسه يجب عليها أن تبحث في الأسباب التي أدت إلى ما حدث إن كان من فعل الإنسان.
أما إذا كان من نوائب الطبيعة فهذا أمر آخر.. وفي المحن لا حياد أمام مصير الوطن فإما أن تكون مع وطنك وأهلك وإما أنك في موقف آخر أقل ما يقال فيه إنه..
وأكثر من يجب أن يكون واعياً لدوره من يسمون أنفسهم( مفكرين ومثقفين ومتنورين ).
هؤلاء قادة رأي، يفترض هكذا، حيادهم أمر غير مقبول فكيف بمن تنحرف بوصلته عن الحقيقة ويجرفه تيار التضليل الإعلامي فيكون أحد أبواقه ويهرف بما لا يقبل حتى من جاهل..؟
ففي الحرب على الأوطان لايمكن القول إن الحقيقة غير معروفة أو يمكن الوصول إليها بعد تحليل الأسباب.. ولقد أثبتت الوقائع مدى عمق وعي الشعب السوري وقدرته على سبر الحقائق والتفافه حول وطنه وقيادته.. تجد هذا الوعي عند أبسط إنسان ..فكيف يمكن لنا أن نقول ( هذا المفكر كما يسمى لم يعرف الحقيقة.. وأدلى بما لا يمكن قبوله ..؟)
لا يغتفر مثل هذا أبداً.. قد يسامح الوطن من لا يعرف ألف باء القراءة والفكر.. أما أن تكون كما روجت وتروج لك الدعاية صاحب نظرية فكرية وتنسف مؤسسات الدولة والوطن وتوجه إليها الإهانات من منابر التضليل ورعايتها ..
وبعد سنوات من رحيلك يأتي من كان على الحياد أو ربما يميل إليك ويعمل على محاولة غسل ماضيك وتلميعك.. فهذا ما لا يغتفر له لأنه يعرف من أنت.. يغتفر لمن لا يعرف، وكثيرون ممن قد يكونون في الجوقة لا يعرفون، أما من يصرّ على المضي بحفلة التطهير هذه وهو يعرف فيجب البحث في تاريخه الفكري.. والأخلاقي.