الثورة – كتب المحرر السياسي:
رغم كل الخلافات بين أميركا والصين ورغم أجواء التوتر التي تفتعلها واشنطن مع بكين فيما يتعلق بتايوان والعلاقات التجارية والديون، إلا أن إدارة بايدن تدرك أن التصعيد ليس من صالحها، ولهذا نراها بين الفينة والأخرى تخطب ود القيادة الصينية وتغازلها وتدعوها لحل الأزمات بالطرق الدبلوماسية.
ويبدو اليوم أن الولايات المتحدة تسعى أكثر من أي وقت مضى لتخفيف حدة التوتر الذي تصاعد في الآونة الأخيرة مع الصين، وخصوصاً بعد استفزازات واشنطن المتكررة حول قضية تايوان وما تشكله من هاجس كبير لبكين التي تتمسك بمبدأ الصين الواحدة، كخيار وعقيدة راسخة لا تحيد عنها.
وفي هذا الإطار يستعد وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، لزيارة بكين، الأحد، بهدف “فتح اتصالات أفضل من خلال معالجة المفاهيم الخاطئة وتجنب سوء التقدير”.، كما قالت الخارجية الأميركية.
وقال بلينكن في حديثه لراديو “سبوتنيك”، إن “المنافسة الشديدة تتطلب دبلوماسية مستدامة، لضمان عدم انحراف المنافسة إلى المواجهة أو الصراع”.
وحدد المسؤول ثلاثة أهداف رئيسية للزيارة، هي: “إقامة اتصالات مفتوحة وقوية لإدارة علاقات البلدين بمسؤولية، ووضع سجل واضح بشأن المصالح والقيم الأمريكية، واستكشاف مجالات التعاون المحتمل بين البلدين”.
وقال محللون لـوكالة “سبوتنيك”: إن “الفترة الأخيرة شهدت زيادة في حدة التوتر بين بكين وواشنطن، وعددا من الحوادث العرضية الخطيرة من اقتراب طائرات حربية للطرفين في الجو بطريقة خطرة ومناوشات من الصين ضد القطع البحرية الأمريكية في عرض البحار، وهناك حالة احتقان لهذا صدرت تصريحات من الإدارة الأمريكية حول ضرورة التواصل لتجنب اشتعال فتيل أزمة”.
وأوضح المحللون أن “الولايات المتحدة تعلم أن الصين متحفزة وتنظر لموقف الولايات المتحدة من بحر الصين الجنوبي ومحاولة منع سيطرة الصين عليه، فضلا عن دعم واشنطن العسكري والسياسي لتايوان ومدها بصفقات الأسلحة، كل هذا أثار مخاوف الصين، وتعين معه أن تجري الولايات المتحدة حوارا في هذا التوقيت الذي يشهد تصعيدا عسكريا في المنطقة بين روسيا وأوكرانيا، والمطلوب من هذه الزيارة في الأساس هو محاولة إطلاع الصين على وجهات النظر الامريكية من جهات متخصصة”.
وأكدوا أن “الصين لديها مشروع اقتصادي، وخطة ترى أنه لابد من تنفيذها، وقد أوضح الرئيس شي أن الصين ستتفوق اقتصاديا على الولايات المتحدة في 2025، والمعروف أن الأزمة بين الطرفين في بدايتها اقتصادية وتتعلق بالسيطرة على الأسواق والتجارة العالمية، لكن هناك أيضا مناوشات عسكرية، لذلك سيكون هناك الكثير من الموضوعات على مائدة مباحثات بلينكن في الصين، إلا أن الثقة بين الطرفين مفقودة لكن الزيارة ستسعى إلى تخفيض حدة التوتر بمحاولات دبلوماسية”.
وأضاف المحللون أن “الزيارة لن تهدئ الخلافات خاصة في ظل تصاعدها، وتعدد نقاط الاختلافات من التدخل الأمريكي في تايوان مرورا بالمطالبات الإقليمية للصين في بحر الجنوبي ومعركة الرقائق الإلكترونية، وعلى الجانب الآخر تحميل شركة أمريكية الصين مسؤولية هجمات سيبرانية للتجسس وهو ما ترفضه بكين”.
وأشار المحللون إلى أن هذه الزيارة تمثل “محاولة لفتح قنوات اتصالات وقد جاءت بعد لقاء الرئيسين العام الماضي في قمة العشرين، وتفيد التقارير الواردة من بكين بأن الخارجية الصينية أشارت إلى رغبة بكين في فتح الاتصالات ولكنها حذرت من الخطأ الاستراتيجي للولايات المتحدة التي تعتبر أن الصين منافسها الاستراتيجي الرئيسي، وهو خطأ في تقدير العلاقات التي تمثل تحدي القرن، وأي توتر في هذه العلاقات سينعكس على العالم”.
وحول تأثير التقارب الذي تسعى إليه واشنطن مع بكين على العلاقات الروسية الصينية، قالوا إن “موسكو هي الحليف الاستراتيجي الرئيس للصين خاصة في جود هدف مشترك للطرفين بمعارضة توسع حلف الناتو، وهو ما تراقبه بكين وسيكون نتيجة تحركات واشنطن في هذا الاتجاه زيادة التنسيق بين بكين وموسكو”، معربة عن اعتقادها بأن “زيارة وزير الخارجية الأمريكي لبكين ستكون مجرد تحصيل حاصل، دون أن تكون كفيلة بتهدئة التوتر، خاصة مع زيادة الضغوط الأمريكية ومحاولاتها توسيع دائرة التحالفات ضد بكين”.. فهل نرى مشهداً جديداً في العلاقات الأميركية الصينية أم أن التوتر سيظل سيد الموقف؟.

التالي