الثورة – فادية مجد:
ضغوطات كبيرة يعيشها أبناء المجتمع ناتجة عن الظروف الاقتصادية والمعيشية الصعبة جراء تداعيات أزمة مركبة نتيجة الحرب الإرهابية المفروضة على سورية لأكثر من 12 عاماً والتي ألقت بظلالها اجتماعياً ونفسياً، ملحقة أزمات آثارها كآبة وطاقة سلبية.. فكيف يمكننا التعامل مع الأزمات (المادية والاجتماعية..) والتخلص من آثارها النفسية والتسلح بالطاقة الإيجابية قدر الإمكان.
للإجابة على ذلك تواصلت (الثورة) مع الأستاذ عيسى المحمد الماستر في علوم الطاقة والبرمجة اللغوية العصبية والذي بدأ حديثه قائلاً: يمر الإنسان بمراحل في حياته تشتد فيها وطأة المشاكل والأزمات أكثر من غيرها، الأمر الذي يجعل الفرد بحالة استلاب نفسي وإحباط عميق وتقهقهر تجعله غير قادر على تحريك دوافع الفرح لديه.
وأضاف المحمد: مصطلح الأزمة هو من المفاهيم واسعة الانتشار في مجتمعاتنا المعاصرة، ويمس كل جوانب الحياة بدءاً من الأزمات الفردية، وانتهاء بالأزمات الدولية، كما يعد مفهوم الأزمة واحداً من المفاهيم التي يصعب تحديدها لشموليته واتساع نطاق استعماله، وعادة ما ترتبط الأزمة بالإحساس بالخطر والتوتر.
ولفت إلى أن للآزمة آثاراً نفسية تتجلى بالارتباك، والصدمة، والقلق، والتوتر، وعدم التوازن، وعادة ما تثير مشاعر الخوف وتوتر العلاقات المستقرة.
فتظهر آثار الأزمة النفسية على الأفراد من خلال (التوتر والضيق وحدة الانفعال وارتفاع ضغط الدم والقرحة والشعور بالتعب والإرهاق والصداع وعدم الثقة وفقدان الشعور بالأمن وعدم الرضا والخلافات مع الزملاء أو الأسرة.
ويرى المحمد أنه لإيجاد حل مُرضٍ للأزمة وتجاوز آثارها الضارة لابد من تلقي الفرد للموقف الضاغط والمرور به، ومن ثم إدراك طبيعة الأزمة والشروع في تحديد أساليب مواجهتها والتكيف معها إضافة لتحديد طاقاته وقدراته الممكنة على تحمل آثار الأزمة وتداعياتها عليه، ثم بعد ذلك يدخل الفرد في مرحلة التعامل مع الموقف الضاغط معرفياً وسلوكياً لحشد طاقاته المعرفية وجهوده السلوكية والوجدانية للتكيف مع الموقف الضاغط ومواجهته بحلول إيجابية.
وبين أن نتائج الموقف وآثاره على الفرد تتضح بمدى التفاعل بين مكونات هذا النموذج، ومدى التوافق الذي حققه الفرد في مواجهة الأزمة، فقد يكون تكيفاً سوياً في صورة حلول إيجابية وفعالة في مواجهة الموقف تثري حياة الفرد القادمة عند مواجهته لأزمات حياته الحالية المشابهة، وقد يكون تكيفاً غير سوي يتضح في صورة حلول سلبية انسحابية تؤثر في حالته الراهنة، فتظهر عليه الأعراض الاضطرابية والتوترات التي تؤثر سلبياً في صحته الجسمية والنفسية، وتنذر بفشله في التوافق مع الأزمات التالية في حياته المستقبلية وتحولاتها غير المتوقعة.
ومن هنا ولتجاوز الأزمة لا بد من إيجاد دروب جديدة للمرء من خلال إتاحة الفرصة للتعرف على أشياء جديدة، وممارسة هوايات ممتعة يشق من خلالها الفرد دروباً نفسية متعددة، تبعده عن مناطق الألم القديمة، وتفتح أمامه أبواب الفرح الدائمة، فتقوية جهاز المناعة النفسي لدى المرء يكون بالاستفادة من الخبرات السابقة، فالخبرات النفسية مثلاً والتي يكتسبها الإنسان عبر مسيرة حياته ومن خلال مواقف متعددة ومتباينة، لها دورها الكبير في تقوية مناعته في مواجهة تلك الأزمات، مؤكداً أنه كلما تعددت خبرات الإنسان وقراءاته، أصبح قادراً على تحليل كل موقف، والخروج منه بدروس مستفادة، وبإمكانه أيضاً التقليل من هذه الأزمات والقدرة في ذات الوقت على اقتراح حلول ذاتية لها، مشيراً إلى أنه ومع ذلك تظل القدرات الذاتية لدى البعض أضعف من مقاومة الأزمات التي تمر عليهم، وليست كافية بمفردها لمواجهة تلك الأزمات الحياتية، ولهذا يُنصح باللجوء إلى الأصدقاء ذوي الخبرة أو المرشدين النفسيين ليستطيع من خلالهم أن يواجه مشكلاته، ويجد الحلول لها، فعلاج الاكتئاب والقلق لا يتم بين يوم وليلة، وهو يحتاج إلى جهد علاجي مضن، أحياناً يلجأ فيه المعالج إلى العلاج الكيميائي والاجتماعي والجلسات النفسية، ناصحاً بممارسة التأمل والتعرف على الأفكار، وما تنتجه من انفعالات سلبية، مع ضرورة بذل الجهد للعمل على تغيير تلك الانفعالات والاضطرابات النفسية، وتعزيز الإرادة الشخصية في الحياة، وخاصة عند مواجهة الصعوبات والتحديات المختلفة وإقامة علاقات المعاملة الجيدة مع الآخرين والعمل على الحفاظ عليها.