أسماء الفريح:
رغم عدد الشهداء والجرحى والنازحين الفلسطينيين الكبير جراء العدوان الإسرائيلي الأخير على مدينة جنين ومخيمها وما استهدفته طائرات الاحتلال ومدفعيته وآلياته من مشاف وأحياء سكنية مكتظة وبنية تحتية وممتلكات عامة وخاصة إلا أن الصمت الأممي والغربي المريب والفاضح على هذه المجازر بحق البشر والحجر كان هو السائد ما يطرح علامات استفهام كبيرة على ازدواجية المعايير لدى الأمم المتحدة والغرب اللذين يتشدقان دائما بضرورة الالتزام بالقانون الدولي الإنساني.
منذ بداية العدوان على جنين الشامخة الصامدة دعا المسؤولون الفلسطينيون الأمم المتحدة إلى إدانة ما يقوم به كيان الاحتلال إلا أن نائب المتحدث الرسمي للأمين العام للأمم المتحدة فرحان حق تهرب من الإجابة واكتفى بضرورة تجنب ما وصفه ب”التصعيد” في الأراضي الفلسطينية المحتلة داعيا “جميع الأطراف” إلى الالتزام بالقانون الدولي الإنساني.
هذه الكلمات الصادرة عن “حق” تمثل قمة اللامبالاة من منظمة أممية ترى فعليا من الذي يقصف شعبا أعزل بطائرات مسيرة ويحاصر مدينة ومخيما من كل الجهات ويقطع عنها الماء والكهرباء ويتوغل بأعتى الآليات العسكرية إلى شوارعها وطرقها ليجرفها ويهدم منازلها وتعتلي قناصته أسطح المنازل الأخرى لاستهداف المدنيين وتمنع سيارات الإسعاف من الدخول لنقل جثامين الشهداء والوصول إلى الجرحى .
تور وينسلاند مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط صرح ,من جانبه ,في بيان مقتضب على تويتر بأن “التصعيد الحالي في الضفة الغربية المحتلة خطير للغاية” وأن “على الجميع ضمان حماية السكان المدنيين”مساويا بين الجلاد والضحية فهل هناك ازدواجية في المعايير أكثر من هذا؟ .
وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا” اكتفت بدورها بالإعراب عن “بالغ قلقها” إزاء الآثار المترتبة على العدوان الإسرائيلي مذكرة بأنه يأتي في أعقاب عدوان مماثل استهدف مخيم جنين في ال 19 من حزيران الماضي وأسفر عن ارتقاء أربعة فلسطينيين وإصابة 91 آخرين.
“اسرائيل” القوة القائمة بالاحتلال لم تكن لتواصل عدوانها وجرائمها بحق الشعب الفلسطيني لو لم تكن واثقة على الدوام بالدعم والغطاء الغربي ولاسيما الأميركي لانتهاكاتها واعتداءاتها المستمرة حيث طلب من وسائل الإعلام الأميركية اعتبار العدوان مجرد “نشاط عسكري” محدود مشيرة إلى أنه تم اطلاع الأميركيين على سيره قبل بدئه ما يؤكد التواطؤ الفاضح بين الجانبين والتشجيع الأميركي على القيام باعتداءات مستقبلية كلما أراد كيان الاحتلال ذلك.
ممثل الاتحاد الأوروبي في فلسطين سفن كون فون بورغسدورف صرح أمس خلال تفقده و30 دبلوماسيا آثار الدمار في مخيم جنين بأن ماجرى كان “مؤلما” ويمثل “انتهاكا للقانون الدولي” داعيا إلى ضرورة الضغط على “إسرائيل” لحل الصراع.
هذه التصريحات الخجولة والمنافية للحقيقة الواضحة تأتي رغم مطالبات البعثة الفلسطينية الدائمة لدى الأمم المتحدة من مجلس الأمن والأمين العام للأمم المتحدة ودول العالم أجمع بضرورة تحمل مسؤولياتهم وتعبئة قدرات المنظمة الأممية لضمان حماية الشعب الفلسطيني ووقف العدوان الإسرائيلي المتكرر عليه والعمل بشكل فوري على تنفيذ القرارات الدولية ذات الصلة بما في ذلك القرارين 2334 و904 إلى جانب دعوة المحكمة الجنائية الدولية إلى الإسراع في تحقيقها بشأن الوضع في فلسطين وضرورة محاسبة جميع القتلة الإسرائيليين على جرائمهم بحق الشعب الفلسطيني.