قراءة في المشهد العربي

خميس بن عبيد القطيطي- كاتب من سلطنة عمان:

رغم التقدم النسبي الذي شهدته العلاقات العربية في الآونة الأخيرة إلا أن هناك حالة من الركود لازمت ملفات عربية هامة على غير ما تمناه الشعب العربي، فبعد عشرية سوداء عاشها العرب على وقع إفرازات الربيع العربي وما صاحبه من أزمات وأخطار استهدفت الأمن القومي العربي كما استهدفت حياة المواطن العربي وطالت عدداً من الدول العربية المحورية لتخلف حالة من المعاناة في الجسد العربي جسدت متلازمة عربية مزمنة عانى منها العرب منذ عقود، ومع التغيرات في المشهد الدولي الذي ألقى بظلاله على المنطقة بدأت إضاءات الأمل تسقط على المشهد العربي مبشرة بتخلي العرب عن واقع التبعية المطلقة، كما أن المقاومة الفلسطينية سددت ضربات للعدوان “الإسرائيلي” في معركة سيف القدس معلنة عن فشل مخططات الاحتلال الصهيوني في تحقيق أهدافه وأكدت أن القضية الفلسطينية ما زالت تحتفظ بأوراق قوية لم تتأثر بغياب الدعم الرسمي العربي.
وفي الجانب الرسمي العربي ظلت الآمال معلقة في ملفات عربية أخرى أبرزها الملف السوري الذي عاش غربة عربية طوال (١٢) عاماً من الأزمة لتأتي كارثة الزلزال التي حولت المحنة إلى منحة بعد تواصل جسور الإغاثة العربية نحو سورية استثمرها النظام الرسمي العربي لإحداث عودة عربية سورية متبادلة أعقبها مشاركة سورية في القمة العربية في جدة وكان هذا الحراك العربي بقيادة المملكة العربية السعودية رغم بعض الصعوبات والعراقيل التي تم تجاوزها ومع ذلك الانفراج السياسي الذي شهده الملف السوري إلا أنه ما زال تحت سقف التطلعات المأمولة، وهنا نقول نعم كانت هناك مبادرة عربية حركت المياه الراكدة واخترقت غربة عربية كادت أن تقصم ظهر العرب ولكن ماذا بعد؟
اليمن ورغم المعاناة التي عاشها منذ بداية ما سمي الربيع العربي لم يستقر حاله حتى اليوم وضاعف من حجم المأساة التدخل الخارجي في شؤونه إلا أن هناك بعض المؤشرات التي أعقبت اتفاق بكين بين الرياض وطهران ربما تسهم في تحريك حالة الجمود في الأزمة اليمنية لإنهاء هذا الصراع الدامي والاشتباك السياسي الشائك تتقدمها مبادرة سياسية لم يكتب لها النجاح حتى الآن، لكنها وبجهود عمانية تحاول الوصول إلى بداية وضع جميع الأطراف على مرجعية حل سياسي يتوافق عليه مختلف الفرقاء في اليمن، ولا يختلف الحال في لبنان الحائر سياسياً في ظل فراغ دستوري وأزمة رئاسة ليست جديدة في تاريخ لبنان لكنها تتفاقم كلما زادت التدخلات الدولية في الشأن اللبناني وهكذا هو الحال عندما يجد أي وطن نفسه محطة تجارب سياسية من قبل النافذين في حياته السياسية ولكن يظل المريح نسبياً في الحالة اللبنانية أنها حالة احتدام سياسية دستورية فقط لم تلج في دماء أبنائه.
السودان الغارق حتى النخاع في أزماته التي تخبو لتظهر في ثوب جديد فمن دارفور غرباً إلى جوبا جنوباً ثم انقسام شطر السودان نصفين إلى ثورة تربعت عليها قيادات عسكرية أرادت اقتناص ما تبقى من البلد المثقل بأزماته ليسدل ستار مشهد آخر وليس أخيراً على مجابهة داخلية بين حلفاء الأمس أعداء اليوم في ظل مراقبة عربية وعجز جامعة عربية غير قادرة أن تضع خطوطاً حمراء أو أي خطوط ممكنة تقيم اعوجاج المشهد في هذا البلد الغني بثرواته المهموم بثوراته وانقلاباته فلم تترك لأبنائه فرصة أن يتنعموا بخيراته.
وهكذا يظل الوطن العربي يعيش حالة اللاتوازن في عدد من أقطاره في انتظار قائد عربي مخلص يستطيع أن يلملم انقساماته ويستعيد وحدته ويستقطب مختلف أطياف جماهيره، وفي انتظار تحول جيواستراتيجي يدفع جميع دوله نحو الوحدة الضمنية على أقل تقدير لتتمكن من بدء مشروع عربي يرمم حالة العلاقات العربية ويعالج مختلف جوانب العمل العربي المشترك ويعيد قراءة المشروع العربي الذي بلا شك يحمل أحلاماً وآمالاً كبيرة لأمة عربية واحدة بلسان عربي واحد حاملاً تاريخاً مشتركاً واحداً ومصيراً واحداً على هذه الجغرافيا العربية، كل هذه الآمال والتطلعات لا بد لها من أبجديات عمل منظمة وروح عربية متجددة بإرادة عربية جماعية ترسم ذلك المشروع العربي المأمول.
* المقال ينشر بالتزامن مع صحيفة الوطن العمانية ورأي اليوم

آخر الأخبار
رقابة غائبة وتجار متحكمون.. من يدير الأسواق والأسعار؟ الخريجون الأوائل من الجامعات  للتعيين المباشر في المدارس   تأهيل ثلاث مدارس في ريف دير الزور  التنمية الإدارية تنشر قوائم تضم 40,846 مفصولاً تمهيداً لإعادتهم إلى العمل  تحالف للاقتصاد السوري السعودي.. د. إبراهيم قوشجي لـ"الثورة": لا يخلو من التحديات ويفتح أسواقاً جديد... "أوتشا": خطة إسرائيل لاحتلال غزة تنذر بكارثة إنسانية   الصناعة والتجارة الأردنية: 200إلى 250 شاحنة تدخل سوريا يومياً تعرفة الكهرباء الموجودة..  بين ضغوط "التكاليف والإمكانات"   الاتفاقية السورية- السعودية خطوة استراتيجية لإعادة تنشيط الاقتصاد الوطني  "إدارة الموارد المائية في ظروف الجفاف بمحافظة اللاذقية" تحديث منظومة الضخ من نبع السن وتنفيذ محطات ... مرسوم  بتعيين إبراهيم عبد الملك علبي مندوباً دائماً لسوريا في الأمم المتحدة  نيويورك تايمز: جرائم نظام الأسد تغيّب مئات الأطفال في متاهة السجون ودور الأيتام الحالة الوطنية الجامعة وتعزيز مبدأ الانتماء والهوية أرقام مبشرة في حصاد ما أنجزته "الزراعة" منذ بداية 2025 تكريم الطالبة مها الدوس بدرعا لتفوقها في شهادة التعليم الأساسي "أوقاف درعا الشعبية" تدعم المستشفيات وجرحى أحداث السويداء تطوير منظومة النقل في حلب وتنظيم قطاع المركبات الزراعة بريف حلب بين التحديات والفرص ارتفاع كبير ومفاجئ للأسعار في أسواق طرطوس.. والرقابة غائبة! "شفاء 2".. يداً بيد لتخفيف معاناة المرضى .. 100 طبيب سوري مغترب لتقديم الرعاية الطبية والجراحية المج...