الثورة – ناصر منذر:
خلافا للمزاعم الأميركية الأخيرة التي أطلقها مسؤولون أميركيون زاروا بكين مؤخرا، بينهم وزير الخارجية انتوني بلينكين، ووزيرة الخزانة جانيت يلين، بأن واشنطن تسعى للتهدئة مع بكين على خلفية التوترات المتفاقمة بين البلدين، أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية، اليوم السبت، أنها ستقدم لتايوان مساعدات عسكرية تصل قيمتها إلى 345 مليون دولار، الأمر الذي يدحض مزاعم المسؤولين الأميركيين، ويؤكد مجددا أن واشنطن تسعى بكل ثقلها لتقويض الاستقرار في مضيق تايوان، عبر تحريض مسؤولي تايوان ومواصلة دعمهم بكل الوسائل والسبل للانفصال عن البر الصيني الرئيسي.
البيت الأبيض قال في بيان له اليوم إن الحزمة تشمل “المواد والخدمات الدفاعية والتعليم والتدريب العسكري”، فيما ذكرت وسائل إعلام أمريكية، نقلا عن مسؤولين أمريكيين، أن واشنطن سترسل أنظمة دفاع جوي محمولة وقدرات استخبارات ومراقبة، وأسلحة نارية وصواريخ.
كما ستقوم واشنطن أيضا باستخدام آليات التمويل السريع في هذه الصفقة، كما هو متبع في توريد الأسلحة إلى أوكرانيا، وهذا دليل آخر على أن الولايات المتحدة تدفع قدما نحو عسكرة الأوضاع في مضيق تايوان لزيادة الضغوط على بكين وتطويقها، في إطار الحرب المفتوحة التي تشعلها واشنطن على مختلف الجبهات الدولية لمحاولة الحفاظ على هيمنتها الأحادية.
الخطوة الأميركية الاستفزازية، لاقت ردا سريعا من قبل بكين التي جددت دعوتها للسلطات الأمريكية إلى الكف عن انتهاك مبدأ “الصين واحدة” ووقف توريدات الأسلحة لتايوان.
وأكدت بكين أن مواصلة الولايات المتحدة بيع الأسلحة لتايوان من شأنه أن يؤدي إلى التوترات في مضيق تايوان، وطالبتها الالتزام بمبدأ “الصين الواحدة” والبيانات المشتركة الثلاثة للصين والولايات المتحدة، ووقف مبيعات الأسلحة لتايوان والتوقف أيضا عن تهديد السلام والاستقرار في مضيق تايوان، مشددة في الوقت ذاته على معارضتها للعلاقات العسكرية بين الولايات المتحدة وتايوان وبيع الأسلحة الأمريكية للجزيرة.
ولطالما جددت الصين تحذيرها من أنها ستتخذ إجراءات حازمة وفعالة لحماية سيادتها الوطنية وسلامة أراضيها.
واضح أن الولايات المتحدة لا تريد التعلم من أخطائها، وتسعى لجعل تايوان نسخة جديدة من أوكرانيا التي تستخدمها مطية في الحرب التي تشنها بالوكالة ضد روسيا، لاسيما وأنه سبق لواشنطن أن وضعت الصين إلى جانب روسيا في قائمة ألد أعدائها، وبأنهما يشكلان خطرا استراتيجياً عليها، ومن هنا فإن مواصلة البيت الأبيض في اللعب بورقة تايون يشير بشكل واضح إلى وجود نزعة أميركية بتأجيج التوتر مع الصين، حتى لو أدى ذلك لإشعال فتيل الحرب العسكرية بين الجانبين، إذ تمثل مسألة كبح قوة الدور الصيني المتصاعد واحتوائه، الهدف الأبرز في مفهوم الاستراتيجية الأميركية كأحد السبل للحفاظ على هيمنة القطبية الأحادية التي تتزعمها واشنطن، والتي بدأت بالأفول تدريجياً في ظل المتغيرات الدولية المتسارعة نحو ولادة نظام عالمي متعدد الأقطاب، تقوده روسيا والصين وإلى جانبهما الدول الحليفة الرافضة لنهج الهيمنة الأميركية والغربية.