هل يمكن الانطلاق إلى تنمية شاملة تطال مختلف النواحي الاقتصادية والاجتماعية دون تنمية ثقافية ترتكز بشكل أساسي على الأجيال الشابة بحيث تعينها على جعل التنمية الفكرية قاعدة ثابتة في حياتها، أنه شرط النمو الدائري الذي يتخلله روح مغايرة ترتكز على الابتكار وحماية التنوع الثقافي بتعدديته وغناه اللانهائي.
ولكن ألا يحتاج الأمر إلى مرتكزات تعتمدها الجهات الثقافية المعنية، حتى تصبح فعلاً محركاً للواقع، وبالتأكيد الأمر يحتاج إلى مواصفات ثقافية تدرس قبل البدء بخطط التنمية الساعية بالدرجة الأولى إلى إعادة الاعتبار إلى استهلاك المواد الثقافية من كتب وبحوث ثقافية وندوات…بشكل متمايز عن كلّ ما قدم، والأهم أن تكون نهضة نحو اقتصاد إبداعي يكون فعلاً محركاً للتنمية لا يقل أهميته عن الاستثمارات التجارية والاقتصادية الاعتيادية.
لا شك أن البنية التحتية الثقافية بروحها المعاصرة تهيئ لمواصفات عالية يمكنها أن تجذب أجيال اعتادت على جاذبية التعاطي التكنولوجي، توفر تلك المعطيات مع تكوينات تنموية ثقافية تتعاطى بشكل موسع مع مختلف الأنواع الثقافية سواء أكانت مكتبات أو مهرجانات أو مراكز ثقافية أو ملتقيات فنية أو فكرية …. يهمها أن تكون كعين راصدة تشبه سيمفونية متكاملة تتعامد فيها الرؤى والأهداف بحثا عن حالة تنموية شاملة لا يمكنها إلا أن تتعاضد مع الجوانب المجتمعية الأخرى.
التنمية الثقافية حين تتحقق تسعى إلى نماء المجتمع ككل ورفع مستوى معيشة المواطن، وإكساب الفرد القدرة الى التطورالذاتي بحثاً عن مردود يبتعد عن الاتكالية.
كلما علت كفاءة المنتج الثقافي، كلما تمكن من توسيع دائرة الجذب والتعاطي الفكري، ومن أكثر من الفكر والفلسفة لبناء مجتمعات ينخرط أبناؤها في الفعل الثقافي لرفع مستوى الثقافة والوعي وترقيته حتى في أصعب الظروف.