الثورة – إعداد – ياسر حمزه:
في قلب المدينة القديمة لا تزال البيوت الشامية قائمة, تحمل عبق الماضي, وكانت في سالف الأزمان عامرة بسكانها, تفوح منها رائحة النارنج والياسمين.
تتميز عمارة البيوت الشامية بتحقيقها عدة أهداف في وقت واحد, الجمال والصحة والمأوى, وهي مواصفات مشتركة بين جميع منازل مدن الشام الكبرى حيث يتناغم النسيج العمراني بين هذه المدن.
فمن ناحية الشكل الخارجي لا توجد نوافذ تطل على الطريق, وإذا وجدت بسبب صغر المنزل فهي مرتفعة أكثر من مترين, فلا يكشف المارة دواخل البيت, ولا يشاهد أهل البيت المارة.
و توجد فسحة سماوية من أجل صحة القاطنين تعادل أحياناً مساحة نصف البيت, تتوسطها بحرة موصولة بالقنوات المتفرعة من الأنهار, حيث تستطيع الأسرة ونساء البيت الجلوس بحرية.
و تشرع نوافذ الغرف على أرض الدار, وتصمم بحيث تدخلها أشعة الشمس والهواء وتوجد نوافذ صغيرة فوق أبواب غرف الجلوس والنوم لتجديد هوائها صيفاً وشتاء.
ومن أهم مكونات الفسحة السماوية أو أرض الديار الأشجار والنباتات المختلفة فمن الأشجار الشهيرة بالبيت الشامي الكباد والنارنج والليمون, ومن النباتات الورود والرياحين بمختلف أشكالها.
كما تختلف مساحة البيت الشامي باختلاف الحالة المادية لصاحبه فبيوت الأغنياء ذات مساحة واسعة وفي ركنها ليوان بين غرفتين, وتقسم الغرف إلى سلملك للضيوف, وحرملك للنساء وخدملك للخدم وصمم البناء بحيث لا توجد صلة مباشرة بين هذه الأقسام الثلاثة, وتقسم بعض البيوت الكبيرة إلى ثلاثة أقسام لكل منها أرض ديار خاصة به, كما هو حال بيت نظام والسباعي والعظم في دمشق القديمة, وبحيث يمكن للضيوف الجلوس في أرض الديار المتصلة مباشرة بالباب الخارجي, والمادة الأساسية في بناء هذه القصور هي الحجارة للجدران والخشب للسقف تعلوها طبقة سميكة من الطين .
أما بيوت البسطاء فتبنى من قطع الطين المجفف ( اللبن ), وقد لا تسمح مساحة الفسحة السماوية الصغيرة التي يطلق عليها الصحن بزراعة الأشجار لكنها لا تخلو من النباتات والورود.
ويتم التواصل بين الجارات بنافذة صغيرة في ركن مرتفع من المنزل تسمى الطاقة.
وفي جميع البيوت الشامية غرفة توضع فيها المواد المعدة للطبخ أو مدخرات الأطعمة المجففة كالبامية والملوخية أو المعدة للإفطار والعشاء كالمكدوس والزيتون والمخللات, وتسمى هذه الغرفة بيت المونة و تختلف مساحتها ومحتوياتها حسب الحالة المادية لصاحب البيت.