صفحات تتكرر، وكأنها نسخت نسخاً من دفاتر التاريخ البعيد والقريب، تتغير الصفحات في الزمان والمكان، قالب الحدث يتغير مع ثبات الفكرة ومن يحرك هذه الأحداث أو يتحرك بها، لكن النتيجة واحدة والصورة المنسوخة هي صورة الحرب بغض النظر عن الزمان والمكان، فقط الغايات والأهداف والطموح الخبيث تشكل الصورة المنسوخة والممسوخة في فكر الولايات المتحدة.
ما أشبه اليوم بالأمس، ثبات في الوجه الأمريكي، استدامة لما تفعله واشنطن اليوم، واتصال الحلقات عبر التاريخ بما فعلته في مسودة دفاترها القديمة أو في أرشيفها القديم أو الحديث في منطقتنا والعالم، ولن يكون الظن خيراً بمن سيأتي ليحكم واشنطن ويتلقى أوامر الدولة العميقة فيها.
الإدارات الأمريكية مولعة بحروب استنزاف الخصوم، حدث ذلك مع إدارات أمريكية قديمة وحديثة ولا يكاد يخلو التاريخ الأمريكي من هذه الحروب العقيمة والعميقة عمق وعقم الدولة الأمريكية، وبصرف النظر عن إدارة الرئيس الحالي جو بايدن، فقد تم الإعداد في الكواليس العميقة لسيناريو حرب استنزاف طويلة الأمد في أوكرانيا تتشابك خيوطها الغربية لإنهاك موسكو وإسقاط جدرانها التي ترتفع في وجه القطبية الواحدة الأمريكية.
اليقين موجود، ولا شك فيه، ومبني على الحدث والواقع والدلائل التي تثبت عرقلة أمريكا لأي صعود لهياكل الحل وحسم الصراع بمعركة سلمية، بعيداً عن قعقعة السلاح، وهدير الحديد، وانسلال المسيرات الغربية بين المدنيين، وهذا اليقين يدعمه شهود من داخل البيت الأمريكي.
وإلا ما معنى الإبقاء الأميركي على الإنفاق الهائل على الصبي المدلل، ودعم بيت النظام الأوكراني وقيادته نحو المزيد من الخراب، لاستمرار استنزاف روسيا، وأوكرانيا في نفس الوقت، والحفاظ على زيلينسكي ودعم صفاته المطلوبة غربياً بالمال والسلاح ووسائل الإعلام والمسيرات وجيوش المرتزقة، أليس هذا كل اليقين في أن واشنطن خربت كل خطوات السلام في مناطق النزاع والحروب، وإنه لضرب من الخيال أن نسمع ذات يوم أن أمريكا رأبت أي صدع، فهي متعهدة الصدوع ومشعلة الحروب والفتن بشهادة التاريخ.
منهل إبراهيم