حين يكون الباب موارباً و”الحائط” منخفضاً، فلا نستغرب أن يدخل أو يتسلّق كل “من هبّ ودبّ” إلى الداخل.
هذا الواقع، ولسنوات، يمكن إسقاطه على مهنة الصحافة والإعلام، ولا يغيب عن الذهن كم تسلل إلى الجسم الإعلامي من نماذج لا تفقه بالمهنة شيئاً!
بدورها السلطات في النظام البائد، كانت “تطبّل” في خطاباتها عن أهمية العمل الصحفي ودوره الموازي لعملها، لكن واقعياً كانت تحاربه وتتهرب منه، وكان كلامها لا يتعدى “الضحك على اللحى”.
نعم على مدى السنوات السابقة، كانت الجهات المعنية تتخوف من الصحفي, وكأنه عدوّ للمسؤول ويتقصد تصيّده، ومبرر تخوفهم ليس خافياً، صفقة فساد هنا وأخرى هناك، والخوف كل الخوف أن تكشف خفاياها وتفوح الروائح العفنة من بين الأدراج.
اليوم يتكرر المشهد ذاته، في إقصاء الصحفي، مع اختلاف الهدف، الذي يتمثل في تعويم المؤثرين والناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي، الذين باتوا يطلقون على أنفسهم لقباً فضفاضاً، إعلاميون، لكن واقع الحال أن جبالاً ومسافات بين بعضهم وبين المهنية.
وما يحزّ في النفس أن الجهات المعنية تتعامل مع هؤلاء بصفتهم إعلاميين، وتتجاهل الإعلام الرسمي ومهنيته.. نعم يحصل ذلك في معظم الفعاليات، وليست فعاليات معرض دمشق الدولي الآن بعيدة عن ذلك.
وهنا يمكن التساؤل: هل تسمح نقابة المعلمين أو المهندسين والأطباء والمحامين وغيرها من نقابات أن يتم انتحال صفة عضو فيها، أو انتساب غير المختصين إليها!؟ لماذا لا يحدث ذلك إلا في الإعلام فقط؟ ولماذا تنأى الجهات المعنية بالمعلومة عن الصحفي الحكومي لتقدمها على طبق من ذهب لـ”مؤثر”؟ هل لهذا المؤثر وداعموه أن يخبرونا بماذا يؤثر؟!!
مازال الكثيرون من أصحاب القلم والكلمة الحرة أوفياء لمهنتهم، ومازال قلمهم ينبض ليكونوا مرآة شاهدة على الواقع، بكل أمانة ومهنية..
نحتاج اليوم للإعلام المهني الكفوء ذي الخبرة، لا إلى دخلاء على المهنة، كما نحتاج إلى تعاون الجهات المعنية مع الإعلام الحقيقي الذي لا يوارب، لا أن يختلط “الحابل بالنابل”.