الملحق الثقافي- عمار النعمة:
الأديب د. عبدالله الشاهر : لماذا نكتب ؟.سؤال مشروع لكنّه محيّر في احتماليته لا في يقينه، وقد لا تجد جواباً على هذا السؤال والسبب في ذلك أنك في هذا السؤال تستفز عمق الذات، وتنبش أغوارها، فتستيقظ فيك في ذاتك الاف الأجوبة وتتولد الاف الأسئلة وما بين السؤال وجوابه تنوس الأفكار ويتجلى اللاوعي فينا سيد الموقف وصاحب القرار .
اترانا نكتب لأن (انكدوا ) جلجامش لايزال في ذواتنا ويعشعش في لاوعينا للبحث عن عشبة الخلود، إجابة ربما تكون مقنعة لكنّها دفينة غير مصرح بها، أم أننا نكتب لنثأر من التفاحة ونثبت أننا أهل للخلود وما الغواية إلا زلّة في لحظة ضعف .
اذاً الكتابه إثبات وجود واستمرار في هذا الوجود من خلال أثر يتيح لنا مبرر خلودنا، وهذا يعني أننا نكتب لكي نبقى أحياء، لكي نخترق زمننا إلى أزمان مفتوحة وبذلك نقهرالموت ونتجاوز العناء، فالإنسان في هذا الوجود ما هو إلا أثروذكر.
وميزة الكتابة أنها فعل لا يخضع لزمنه بل يتخطاه، وأنها فعل فردي موجه إلى الجماعة، وبالجماعة يحيا الإنسان ويستمر ويخلد وتتجلى ذاته، اذا الكتابة عمل إنساني بحت تفرّد بها الإنسان عن سائر المخلوقات، وتفرّده هذا يعطيه ميزة الارتقاء الذي يترك اثراً واثره ذلك المنتج الذي نعنيه (الكتابه) إنه بصمه الوجود لكائن موجود وبحثاً عن الخلود، ومع ذلك فان سؤالاً آخر يقفز إلى الذهن ليقول ما جدوى الكتابه ومصيرنا محتوم وحياتنا محدودة ونحن نعلم أننا فانون.
نحن نكتب لأن حاجة ملحة تدفعنا لأن نكتب لأن نبوح نستشرف، فالكتابه ابداع خاص وفردي والابداع خلق وكأننا حين نكتب نتمثل وجودنا فيما نبدع، ونتمثل حق خلودنا على ورق الكتابة، وهنا تكون الكتابه تحدياً للفناء ورغبه للبقاء والحضور الدائم بين الأحياء، لكن الكتابه وإن كانت ميزة إنسانية الا أنها محكومة بالموهبة والموهبه ميزة خاصه لا تسري على الجميع فان ثقلت الموهبه ارتقت إلى الإبداع والإبداع هو شرط الخلود .
الشاعر بديع صقور : لماذا نكتب طبعاً نكتب من اجل الحياه ومن أجل التواصل مع الإنسان، نكتب عن فرح الإنسان، وحبّ الإنسان، وعن قهر الإنسان وظلمه على هذه الأرض، نكتب من أجل الحبّ والجمال .
الكتابة هي أحاسيس الإنسان تجاه العالم وتجاه الآخر.
لكن في هذا الزمن نقول :لماذا نكتب ولمن نكتب ؟ الذين يقرؤون قلة قليلة لاتراهم إلا وهم يحملون أجهزه الهاتف ليتابعوا الفيس بوك وسواه ،لا أرى احداً يحمل كتاباً- ربما -حتى الكتّاب لا يقرؤون لبعضهم، لماذا نكتب ؟ سنظل نكتب ونكتب لأن الحياة يجب أن نبقي لها شيئاً جميلاً على هذه الأرض، أن نبقي كلمات وأناشيد وأغاني وحكايات حلوة، نكتب عن الذين رحلوا عن الحاضرين عن الغائبين، عن الذين عملوا من أجل الحياة، اولئك الذين قارعتهم الأرض وأكلت لحمهم وأكلت تعبهم وما زالوا يعملون فيها، لاولئك الذين دافعوا عن الحياه والحرية والإنسان، نكتب عنهم نكتب عن الذين تلتهمهم الحروب ونيرانها البشعه، نكتب من أجل الحياة، لهذا لا نتوقف عن الكتابه ونعلم أن الذين يقرؤون قلة قليلة كما قلت حتى ربما الكتاب لا يقرؤون لبعضهم بعضاً.
لو كنا نكتب على جدار الريح سنبقى نكتب أغاني وحكايات وقصصاً، ربما يأتي يوم يقرؤون ما كتبناه فيتذكرون الذين كتبنا عن تلك الحياة وتاريخها عن الإنسان، عن الحبّ، عن العلاقة الحميمة بين الإنسان، عن الذين طالبوا بالحرية عن الطغاة الذين قتلوا الإنسان، عن الظالمين، عن الحروب التي التهمت الكثيرين من أبناء هذه الأرض ، الحروب التكفيرية والدمار الخراب … كل ذلك يجب أن نؤرخه وأن نكتب عنه بمصداقية وبلغة شفافة، نكتب عن فرح الطفولة عن حرية الإنسان، نكتب عن الطيور والسماء وعن الحالمين في هذه الأرض لكي تبقى الحياة جميلة ،ومن أجل أن يعيش الإنسان حراً على هذه الأرض.
حزين لأن الكثيرين ظلموا على هذه الأرض ولأن الكثيرين أصابتهم يد القهر ولأن الكثيرين ماتوا من أجل رغيف خبز ومن أجل حفنة حب، نكتب واكتب دائماً من أجل أن تبقى الحياة قمراً جميلاً ينير سماء هذه الأرض ينير دروبنا دروب أجيالنا القادمة .
من أجل أن يكون هناك غد مشرق جميل وأن تكون هناك حياة ايضاً جميلة وأن يكون هناك إنسان أجمل ليعمر هذه الأرض ويبني الحياه ليعمر هذه المساحات الشاسعة وأن يكون شامخاً كالجبال، ان يغني ان يرقص ان يعزف الموسيقا وان يحب الحياه ويحب الانسان لهذا نكتب وعلينا ان نكتب وأعود لاقول لو كنا نكتب على جدار الريح سنظل نكتب ونكتب ونكتب .
الأديب د.نزار بني المرجة :
لاشك أن الكتابة في جوهرها كانت تعني منذ البداية توجهاً للآخر.. كنوع من البوح أو المناشدة..
وإذا كانت الكتابات الأولى (المسمارية مثلا».. وحتى الخربشات البسيطة على الصخور والمغاور..) قد سبقت القول :في البدء كان الكلمة..،فلأن كلّ كتابة تمثل في الجانب الجوهري و تعني الحاجة إلى قارئ.. يدرك معناها وما ترمي إليه..، وبالتالي فهي رسالة في المحصلة.. وبدء حوار للوصول إلى رابط بين من يكتب.. ومن يقرأ تلك الكتابة..
ولا شك أن أغراض الكتابة ومراميها كانت عديدة منذ بداياتها البكر..، وكانت واحدة من أهم الأسس ووسائل التعبير والتواصل و الالتقاء.. للوصول إلى هدف معين..، ولحسن الحظ أن الكتابة كانت الأسلوب الأرقى لنشر مفاهيم ومبادئ نبيلة من أجل التطور البشري أو الإنساني، وكان لها الفضل الذي لايمكن تجاهله أو إنكاره في تحقيق منجزات حضارية منذ بذورها الأولى وما قبل التاريخ..
ووصولاً إلى اليوم فقد أثبتت الكتابة أنها يمكن أن تكون عامل هدم مثلما يمكن لها أن تكون واحدة من الأسلحة الهدامة عندما تكون وسيلة للتضليل وغسل الأدمغة..
وسيبقى ديدننا.. البحث والغوص في دنيا الكلام والكلمات والكتابة.. بصفتها وسيلة صالحة يمكن لها أن تعبّرعن أحلامنا المشروعة الإيجابية و النبيلة التي نتوق إلى رؤيتها وهي تغير في واقع الحال.. وتسهم في صناعة التاريخ..
الأديب الأرقم الزعبي :
سؤال يتكرر هنا وهناك في العمق يقول لك السائل لا تكتب ..لا يوجد أثر وتأثير ..
في الحقيقة الكتابة إدمان حب أو شغف أو شيطنة وعفرتة ومشاكسة هذا في الجينات احياناً نمارس ما لا نحب ولكن ماذا عن الكتابة ؟.
عندما كتب سقراط أو الجرير أو المعري أو شكسبير لم يكتبوا لذاتهم أو لعشيرتهم ومجتمعهم كتبوا وتعاطفوا مع عالم قادم وحياة مستمرة متأثرين بهذا التراكم الجمالي والانساني…الكتابة حياة وخلود لمن يكتب اليوم نتغنى بقصيدة كتبت قبل الميلاد قد لانعرف من كتبها ولا هو يعرفنا…الكتابة حياة استمرار لنبض الجمال ..إرث إنساني..
عندما تتعرض المجتمعات لهزات تصبح الكتابة فرض عين للوقوف مع الوطن والدفاع عنه تماماً مثل أهمية صناع الخبز وأطباء المشافي وجنود الحدود…نكتب لنبقى على قيد الحياة .
العدد 1156 – 22-8-2023