تبدو تلك الفيديوهات التي تبث على مواقع التواصل لانهائية، تتسرب عبرها حالات تسطح كل ماله علاقة بالحياة عموماً، لا نستطيع القول بالفكر أو الثقافة لأنها لا تمت إليها بصلة.
لقد أصبح لدينا في عالم (السوشال ميديا) بنية مرئية تتكاثر بشكل يومي، وتلك المرئيات تطول كل شيء في عالمنا (الأزياء، الطبخ، العلاقات الزوجية والعاطفية، وكيف نتصرف مع الأحبة والأصدقاء…) أفكار لانهائية أصغر تفصيل منها يصنع منه آلاف الفيديوهات لنعيش مع حالات متكررة.
مرئيات لا تتجاوز في أغلبية الأحيان الثواني، أو الدقائق …ما الذي بإمكانها أن تقدمه، ومع مشاهداتنا اللانهائية لتلك الفيديوهات والتهامها لوقتنا إلى أين يفضي بنا الأمر إلى اللامعنى.
ولكن هذا اللامعنى هل هو خاص بنا وحدنا…؟
بالعكس إنه حالة جماعية، لا نشعر بمدى تمكنه منا إلا حين نقرر العودة إلى فكر مختلف، حينها ندرك مدى الأذى الذي سببه لنا هذا الخواء، نعتقد ونحن نتابع تلك المشاهد أنها تمضي لنتقطع بعض الوقت في تسلية لا تضر، ولكن مع مرور الوقت نكتشف أننا بتنا نعتاد هذه المواد الفلمية المفرغة من أي معنى.
نصبح فقراء فكرياً، مفرغين ثقافياً، تتدنى ذائقتنا بحيث تستسيغ تلك الفيديوهات الجوفاء، حين نعرض عنها، ونريد اعتناق فكر أو فلسفة فكرية مغايرة ندرك كم نحتاج إلى إعادة صقل أذهاننا حتى نتخلص أولاً من سموم مرئيات سطحية، بعدها قد نتمكن من الانتقال إلى بعد فكري مميز.