الثورة _ ثناء أبو دقن:
سريعة كالبرق مرّت الأيام والأعوام وها أنا أتخطى الخمسين.
يمر الماضي أمامي بتفاصيله وكأنه الأمس القريب ..أحداث بسيطة اعتيادية لابدّ منها الطفولة وسنوات الدراسة الأصدقاء والمرض وأحداث محفورة بالذاكرة لا يمكن أبداً أن تنسى، مؤلمة حيناً، ومفرحة أحياناً، مواقف وأوقات المرح والسعادة، ودروس وعبر قاسية.
إنها سنة الأيام وقاموس الحياة بترتيبها الأبدي المتنقل من طفولة ساذجة بريئة إلى فورة الشباب والأحلام والنشاط والاندفاع اللامحدود إلى الهدوء والنضج والروتين.
اتخطى الخمسين.. وقدماي تسيران الهوينا نحو القادم بلهفة وشوق ..لم أفقد الكثير من الشغف ومرح الطفولة وعنفوان الشباب وحتى تطلع الكبار.. رغم أنّ الأيام مرّت كما يمرّ الماء من بين أصابعي المرتعشة وقدماي الواهنتين.
أتخطى الخمسين ..وفي أعماقي صندوق أشبه بالصندوق الأسود الحافل بكلّ الأسرار، يقبع هناك في عمق أعماقي فيه كلّ الأحلام والأمنيات والخيبات والخطايا والتفاصيل الدقيقة التي تعصف بالنفس البشرية وتعجز عن الإفصاح بها أو تفسيرها.
أتخطى الخمسين ..و أنا فخورة بنفسي و لا أنكر حقيقة عمري ، من قال إن أعمار النساء أسرار لا يمكن البوح بها ؟؟ ومن قال أن سن اليأس يأتي بعد الأربعين ؟!
فالحياة و الشباب و الزمن مجرد رموزلاعلاقة لها بالسنين ، قد أصل السبعين و وأُبقى في قلبي ثورة الشباب و شقاوة الأطفال و نضج الأيام و السنين.. نحن لسنا بضائع تقاس بمدّة صلاحية الإنجاب !
أنا إمرأة، يعني إنسان لا أعرف التوقف عن الشوق للحياة ، فإن أراد المرء أن يشعر بالكهولة و يعاني صرامتها فقد يعانيها و هو بسن العشرين.
الحياة لا تقاس بالأرقام و لا بعدد السنين، بل تقاس بالرضا والثقه بالله أولاً ثم بالأمل و الإبتسام و التفاؤل .
أيتها الأنثى، شابة وامرأة، عيشي حياتك كطفلة تشتاق دوماً لرؤية شمس النهار، وبعقل أنثى ناضجة، وبمشاعر قلب فتاة …لا تسمحي يوماً للأرقام أن تجعلكِ تنكسرين ..ثقي بذاتك..فهي نجمتك ودليلك حينما ينحسر الجميع.