الثورة – لميس علي:
بين أن تكون أنت ولك ذاتك الحقيقية، أو أن تكون مجرد ظل.. يستغرق بعضنا عمراً في حلّ هذه المعادلة.
غالبية قراءات فيلم (الأمس)، إخراج داني بويل، تذهب إلى اعتباره نوعاً من تمجيد لفرقة “البيتلز” أو تخليد ذكراها..
لكن التمعن في التفاصيل يُحيل إلى مكانٍ آخر تماماً..
فما الذي يمكن لك أن تفعله حين تكون الوحيد الذي يتذكر هذه الفرقة، وأنت صاحب موهبة غنائية وموسيقية بينما الجميع لا علم لهم بوجود “البيتلز”..؟
يقوم الفيلم على هذه الفرضية.. لتنسحب خطوطه نحو عمقٍ إنساني آخر هو الأجمل والأغنى..
على الرغم من أنه ظاهرياً يحتفل بأغاني الفرقة ويستعرضها بطريقة وأداء بطل العمل (جاك مالك، هيمش باتل) الشخص الوحيد الذي يعلم بوجود فرقة “البيتلز”.. فيبني نجاحه على إعادة استثمار أعمال الفرقة.. ويصيب شهرة واسعة حتى أنه يتفوق على المطرب (إد شيران) الذي ظهر في العمل بشخصيته الحقيقية، وهي نقطة جاذبية تحسب للفيلم.
الموضوعة الحقيقية ليست بكل ما نشاهده في ظاهر الحكاية..
إنما اللعبة الفنية تتجسد من خلال حضور الظلال في حياتنا أكثر من الفعل الحقيقي..
فكيف لنا صياغة (الذات) حقيقية أصيلة في ظرف زمان ومكان يتواجد فيه الكبار..؟
وهل بسهولة نتخلص من كوننا (ظلالاً)، من دون وعي، لجميع من نحبّهم ونتأثّر بهم..؟
بسلاسة، يناقش فيلم (الأمس) هذه التساؤلات، ويحسم خياره وحين يفضل البطل (جاك) أن يفضح سره في حفل فني كبير.. معترفاً أن نجاحات أغانيه ليست سوى صدى للنجاح الحقيقي لفرقة البيتلز.. يقرّ أنه أعاد غناء أعمالهم وأن كل الأغنيات التي كتبها وقدّمها كانت لهم وليست له.
في جزء العمل الأخير والذي يترافق مع كلمة “اليوم”، يظهر (جاك) وهو يغني لطلابه الصغار أغنية يبدو أنه كتبها ولحنها، فيتفاعل الصغار معه..
كأنه ارتضى هذا الحجم من “النجاح الصغير”.. المهم أنه بين (أمسه) وحاضره صنع بصمته الخاصة وتخلص من كونه ظلاً، ليصبح بطل حكاياته لاحكاية غيره.
