لا تعمر الأوطان بشامخات البناء ولا تزدهر وتنافس الأمم إلا بعقول أبنائها، والاستثمار في رأس المال البشري هو الأكثر ديمومة وعطاء.
ونحن اليوم في سورية نخوض إعادة البناء ونرمم ما تهدم بفعل العدوان علينا والإنسان السوري معروف بقدرته على اجتراح المعجزات وتجاوز الأزمات والمحن.
هذا ما يدفعنا للحديث دائماً عن ضرورة البناء المعماري للعقل، ويبدأ ذلك من البيت إلى المدرسة مع التأكيد أن المدرسة هي الأهم اليوم.
ومع بدء العام الدراسي نعرف أن الظروف صعبة وقاسية على الجميع وهنا تظهر حكمة ومهارة المعلم وقدرته على استيعاب أطفاله والسمو بهم.
المعلم قدوة مازالت صامدة وستبقى وفي ذاكرتي، وأنا طفل في الصف الثاني أن أبي تحلق مع بضعة رجال حول معلم صفنا كل واحد يسأله عن ابنه.. جاء دور أبي وسأله عني .. نظر إليّ المعلم مبتسماً، ولم أكن من المهتمين بالدراسة.. قال لأبي: اليوم (سمعت له وكان ممتازاً) نظر إلي وابتسم ..
كانت هذه العبارة نقطة تحول في حياتي ..هل يعقل أن أخذل معلمي…؟
وحين عملت معلماً، وبعد ذلك مدرساً كانت تلك النظرة والموقف الذي غيّر حياتي هوية عملي وتعاملي مع الأطفال والطلاب، كيف لي ألا أبذل قصارى جهدي حتى يصلوا بر الأمان، ومن باب الذكريات أيضاً في سياق الأمر نفسه أن طالبة في المرحلة الإعدادية نالت درجة متدنية جداً، حاولت مساعدتها قدر الإمكان، لكن .. حين وزعت درجات المذاكرة على الصف، لفظت شتيمة قاسية، لا أدري كيف توجهت إليها، أريد صفعها، لكن صورة معلمي قفزت أمامي ، ابتسمت وقلت لها : ستنجحين وعد مني، وكانت نقطة تحول في حياتها هي أيضاً..
اليوم مع العام الدراسي : ماذا لو تعاملنا بحنان وروية وهدوء، وعلى رأي زميلتنا غصون سليمان رئيسة دائرة المجتمع والتربية ( ماذا لو عملنا الإدارة بالحنان )، وليكن عامنا الدراسي ما استطعنا إلى ذلك سبيلاً عاماً مشبعاً بالحنان، ولنتذكر ما كانت تردده إحدى وسائل إعلامنا منذ فترة ( مستقبل البلد بكل ولد ) .
إنه مستقبلنا نحن فلنحسن العمل .