الثورة- ديب علي حسن :
منذ أن بدأ فرويد تجاربه النفسية إلى أن وضع نظريته في ذلك وهو يركز على الجانب المظلم في شخصية المريض النفسي وأعاد ذلك كلّه إلى أسباب جنسية تتعلق بالطفولة .
هذه النظرية التي رفضها الكثيرون مثل ادلر ويونغ واريك فروم مازالت موضع نقاش .
واذا كانت بعض الآراء في مدارس علم النفس ترى أن الابداع هو تعويض عن نقص ما فهذه لم تجد البرهان عليها
ولكن علم النفس تعمق كثيراً في اتجاه البحث في سلوك المثقفين وطبيعة الثقافة ونشأ ما يسمى ( السيكو الثقافي )
وهو فرع من فروع علم النفس بدأ كردات فعل على نظرية فرويد وإعادته الأمراض النفسية كلها إلى الدافع الجنسي .
ولكن ماذا عن الأمراض التي تسببها الحضارة ماذا عن بؤسها النفسي والاجتماعي وما يقود إليه من أمراض نفسية تصيب أول ما تصيب المبدعين أولاً لأنهم الأكثر تفاعلاً وحساسية للواقع .
الدكتور بدر الدين عامود يقف عند هذا في كتابه 🙁 موجز تاريخ علم النفس العام ) الصادر حديثاً عن الهيئة العامة للكتاب
اذ يرى إن الحضارة الحديثة حقامنحت للإنسان حرية واسعة لكنّها من الجانب الآخر سلبته القيم العليا التي كان يتمثلها ويعمل بوحيها سابقاً فأصبح عرضة للخوف والقلق والاغتراب ويرجع السبب في رأي فروم إلى ظهور قوتين جبارتين تهددان الإنسان جسداً وروحاً هماً رأس المال والسوق وهذا ما جعل :(علاقته برفاقه وبكل منافس قوي باردة وعدائية انه حر أي أنه وحيد منعزل مهدد من جميع الجوانب).
وخلافاً لفرويد يجد فروم أن البحث السيكولوجي يجب أن يتناول الإنسان عضوية وروحاً دون الفصل بين الجانبين ومن هذا المنطلق رأى أن الإنسان يحمل تناقضات وجودية وأخرى تاريخية فهو كائن ضعيف لأنه جزء من الطبيعة خاضع لقوانينها. وهو في الوقت عينه قوي بما يتمتع به من تناقضات تاريخية هو بسبب الشروط الثقافية التي يعيش فيها.
ولما كانت الحرية التي منحتها الحضارة إلى الإنسان تحوّلت إلى عبء ثقيل وقضت على شعوره بالأمن والطمأنينة واحلت التنافس وأعداء محل التعاون والتضامن بين الناس فإن فروم يفترض أن غالبية الناس تنزع إلى الهروب من هذه الحرية وقد أخضع احتمالية وجود هذه الرغبة اللا واعية للبحث والمتابعة معتمداً على طريقة تفسير الأحلام وطريقة التداعي الحر الفرويديتين وتوصل في النتيجة إلى أن الهروب من الحرية تتبدى في أنماط أربعة من الشخصية العصابية السادية والمازوكية والتدميرية والامتثالية.