تصر أميركا على السباحة عكس تيار المتغيرات الدولية التي فرضت معادلات جديدة على اتساع الرقعة العالمية، حيث وطَّدت العديد من الدول تحالفاتها وعلاقاتها البينية بما يضمن مصالحها المشتركة و سلام شعوبها بمواجهة التجبر والتسلط الأميركي.
أميركا التي تحبس أنفاس تخوفها من قادم أيام يتكرس فيه عالم متعدد أقطاب، وتزول قطبيتها الأحادية، تتخبط في من تستهدف بنار عدائها من الدول التي ترفض هيمنتها، وأين توجه سهام تماديها إلى الشرق أم للغرب، وأين تشعل نيران تعديات وفتن وتوتر بأوروبا أم شرق أسيا أم أميركا اللاتينية، وكل ذلك بحثاً عن مخارج ترمم فيها صورة “الدولة العظمى”التي لا تثبت وجودها إلا بإشعال الحرائق وتأجيج الحروب وكيل الاتهامات الباطلة وفرض العقوبات الجائرة.
فتارة تهدد واشنطن وتحذِّر الدول من عقد تحالفات عسكرية كما فعلت بشان القمة الروسية الكورية الديمقراطية التي انعقدت وأثارت الفزع الأميركي، وتارة تجيش في المحافل الدولية وتستصدر قرارات مسيسة وتفرض عقوبات جائرة، ومرة أخرى تحاول قلب موازين القوى العالمية بتطويق الدول التي تخشى ريادتها وثقل موقعها الاقتصادي والسياسي والعسكري عالمياً بزنار إرهاب وتهديد أمنها القومي كما هو الحال مع روسيا والصين بتأجيج الحرب الأوكرانية والشد على أيدي الانفصاليين في تايوان .
رغم فائض عربدة أميركا على الخريطة الدولية، واستغلالها للفوضى المحدثة وانتهاكات “قسد” التي شجعتها ضد أبناء الجزيرة لشرعنة وجودها الاحتلالي بذريعة حماية آبار النفط الذي تسرقه وتحرم السوريين منه، ورغم كل الضخ التسليحي لأدواتها وليس آخرها رفد نظام كييف بقنابل عنقودية ويورانيوم منضب و اقتراب موافقتها على إمداده بصواريخ “أتاكمز” الخطيرة لاستهداف العمق الروسي… رغم كل ذلك بدأت هالة قطبيتها الأحادية تتلاشى شيئاً فشيئاً، وبدأت الأمور تأخذ مساراتها الصحيحة في علاقات العديد من الدول، لا تسلط فيها ولا هيمنة، إنما منفعة متبادلة ومصالح مشتركة، وما تخشاه أميركا وتلهث لمنع حدوثه سيغدو واقعاً مفروضاً ومثبتاً على الأرض بقوة إرادة الشعوب لتحطيم قيود السطوة الأميركية على مقدراتها وبمتانة التحالفات الاستراتيجية.
التالي