الثورة _ نيفين عيسى:
تحصل خلافات عائلية بين وقت وآخر لأسباب مختلفة، وقد يكون بعضها بسيطاً وعادياً يتمّ تجاوزه دون أن تظهر تداعياته على الأسرة، بينما يتفاقم بعضها الآخر، وينعكس بشكل سلبي على الأبناء الذين يدفعون ثمناً لتلك الخلافات.
الدكتورة تغريد مسلّم أستاذة علم الإجتماع في جامعة دمشق بيّنت «للثورة» أن الأسرة تعد ملجأ الأمان للأبناء وسور الحماية، فأمان الأبناء من أمان الوالدين، وكلما تمتّع الآباء بالاستقرار والتفاهم والمحبة انعكس ذلك على الأبناء باستقرار نفسي وعاطفي واجتماعي.
وأضافت الدكتورة مسلّم: إن الأبناء يحتاجون للرعاية والتربية الصحيحة، وليست هنالك أسرة لا توجد فيها خلافات واختلافات في الرأي والأسلوب والمعاملة، وهذا الأمر مرتبط بالآباء كونهم الموجه الأول لكل ذلك.
وعي الآباء
الدكتورة مسلّم أشارت إلى أنه كلما تمتّع الأبوان بالوعي لأدوارهم الاجتماعية والاقتصادية وكذلك الأمان العاطفي والنفسي، كلما كان هناك أبناء مستقرون نفسياً، ومُعدون بشكل صحيح للمستقبل ولدخول مُعترك الحياة بثبات وثقة بحياة ناجحة، مشيرة بأنّ الخلافات أمر طبيعي لكن من غير الطبيعي تسوية الخلافات أمام الأبناء لما لذلك من آثار نفسية بعيدة المدى وهشاشة نفسية سيُعاني من الأبناء مستقبلاً ، ومن المفروض على الوالدين تسوية خلافاتهم بمكان منعزل عن الأبناء.
أما فيما يخص الصعوبات التي تواجه الآباء كالظروف الاقتصادية بيّنت بأنه يُمكن إشراك الأبناء وسماع آرائهم بكيفة مواجهة هذه الصعوبات وتوزيع الميزانية لتأمين المتطلبات، وهو ما يُكرّس لدى الأبناء إحساساً بالمشاركة والمسؤولية وتقدير الظروف التي تعيشها الأسرة ويجعل الأبناء فاعلين لا متطلبين فقط.
الانعكاسات السلبية للخلافات
الدكتورة تغريد مسلّم أوضحت أن للخلافات الأسرية انعكاسات جمّة على الأبناء نفسياً واجتماعياً من ناحية فقدان الأمان العاطفي من المصدر الوحيد للأبناء، ما يجعل الطفل غير مستقر ويُعاني من مشكلات نفسية وسلوكية على المدى المنظور والبعيد، وتتراكم هذه المشكلات ليصبح الابن مكبّلاً بمجموعة من الضغوط التي تخلق منه فرداً مهزوزاً غير قادر على فهم نفسه والمحيط من حوله وغير قادر على التعامل الصحيح، وهو ما يؤدي إلى الإحباط والفشل والأمراض النفسية على المدى البعيد.
وأضافت مسلّم يتوجّب على الآباء حل مشكلاتهم الخاصة بمعزل عن الأبناء والوعي بأهمية دورهم الأسري في الحماية والتربية الصحيحة، كما يُمكن للأسر استشارة اختصاصين بكيفية التعامل مع الأبناء وطرق التربية السليمة، وهذا ليس أمراً معيباً كما يعتقد، منوهة بأنّ واجب كل أب وأم تجاه الأبناء تأمين كل المتطلبات الفسيولوجية والنفسية لبناء جيل قوي قادر على الدخول إلى مُعترك الحياة بكل مرونة، ولابد أيضاً من وجود الحوار ضمن الأسرة وتعليم الأبناء على الحوار والمصارحة كي نتمكًن من معرفة كل ما يواجه أبناءنا والتدخل في الوقت المُناسب حتى لا نترك الأبناء فريسة مجتمع غير مضبوط الانعكاسات سواء من المحيط الاجتماعي ورفاق السوء ووسائل التواصل الاجتماعي.