الملحق الثقافي-رنا بدري سلوم:
أسمعتم بجبل» برناس « في اليونان؟ ..تقول الأساطير أن الآلهة الشعريّة تعيش فيه، فولدت نظرية» الفن للفن» لا يخضع لدين أو أخلاق، هي فلسفة كانت شائعة في ألمانيا قبل الحرب العالمية الأولى، وإذا عدنا إلى نظرة الفلاسفة الثلاث لهذه النظرية فنجد أن «أفلاطون» حارب مفهوم «الفن للمجتمع» فطرد الشعراء من جمهوريته! لأنهم يقلّدون ويعبّرون عن الواقع، وهذا أمر منافٍ للبحث عن جوهر الجمال.. بينما يُرجع «كانط « عبقرية الفن إلى «طبيعة» الفنان، كما أنّه لا يقوم بعلم الجمال، لأنّه بالعلم سيصبح خارجاً عن نطاق الذات التي تتمتع بالذوق والحكم الجمالي، كنتيجة لإحساسها بالجمال.. أما» هيغل «فقد عرّف مفهوم الجمال فلسفيًا على أنّه «فكرة»، ويُقصد بذلك أنّ الجمال والحقيقة شيء واحد، فالجميل لا بدّ أنْ يكون حقيقياً في ذاته.
انتشرت نظرية «الفنّ للفنّ» في القرن السابع عشر خاصة عندما تخلّص الأوربيون من سيطرة الكنیسة، مذهب تأثر به النقاد الفنيّون بسبب الفلسفات ذات النزعة الرومانسية، التي تقول بأنّ الفن والشعر خاصة هي أعمال ذاتية تَعرض العواطف والانفعالات الإنسانية، وتسعى إلى التعبیر عنها من خلال الأدب، فالرومانسیة تَعدُّ الأدب وسیلةً للتّعبیر عن الذات فقط، والفنّ للفنّ هو مذهب فنيّ يَنشد الجمال لذاته ويرى الفنّ «غایةً»، كما أنّه مذهب يهدف إلى استخراج الجمال من الشعر والأدب كفنون موضوعية في ذاتها.. وقد نتج عن هذه النظريّة شعراء نادوا بالفوضى الجنسيّة آنذاك، وسميوا بشعراء اللاأخلاق كبودلير، وراميه أما جوتييه فقد لقب سيّد الحركة الشعريّة، ماذا عنّا اليوم ونحن نعاني من تفشي مفهوم «الفن للفن».
كوسيلة لتحقيق مآرب نفعية، ليست لإظهار» طبيعة جوهرية أو فكرة أو غاية جمالية»، كمومس تطالب بحقّها في الحريّة وتقبع في بوتقة الرذيلة وتقول لنا.. إنه الفن !.
العدد 1160 – 19-9-2023