الملحق الثقافي- حسين صقر:
ثمة نصائح للفيلسوف الصيني لاو تسو يقول فيها: راقب أفكارك لأنها ستصبح كلمات، و كلماتك لأنها ستتحول إلى أفعال، و أفعالك لأنها ستتحول إلى عادات، وراقب الأخيرة لأنها تكون شخصيتك، وشخصيتك لأنها تحدد مصيرك، لأن كل ما نحصده نتيجة زرعنا، وكل ما نفكر به يتحول بين لحظة وأخرى إلى مشروع عمل حياتي، قد نخفق فيه وقد ننجح.
حين بدأ علم البرمجة اللغوية العصبية، يشق طريقه إلى العالم، شرع علماؤه بإحياء قانون منسي في العالم، ألا وهو «قانون الجذب الفكري» الذي استعمله المصريون القدامى واليونانيون في حياتهم اليومية، وأصر هؤلاء على أن جميع من أنجزوا شيئاً مهماً في حياتهم، أو بلغوا مستويات عالية من النجاح، قد طبقوا هذا القانون في حياتهم بشكل أو بآخر، وينص هذا القانون على أن مجريات حياتنا اليومية، أو ما توصلنا إليه إلى الآن هو نتاج لأفكارنا في الماضي، وأن أفكارنا الحالية هي التي تصنع مستقبلنا، لأن قوة أفكار المرء لها خاصية جذب كبيرة جداً.
والقانون المذكور يعتبر الجذب توافقاً لنظام معتقداتنا وأفعالنا ومشاعرنا ونياتنا، من خلال التكرار المرئي أو اللفظي، حيث يخلق دماغنا مسارات عصبية جديدة، لكون نظامنا العصبي مبرمجاً، لمواءمة عالمنا الخارجي مع حالتنا الداخلية.
وهذا القانون لايعمل دون التخلص من الطاقة السلبية المتراكمة في داخلنا نتيجة الخلافات والمشكلات الناشئة مع الآخربن، ونتيجة نظرة هؤلاء الحاسدة لتحركاتنا ونجاحاتنا، ولهذا لابد من التخلص منها، كي نصبح أشخاص أصحاء، خاصة وأن الأشخاص المتفائلين الذين يتصورون مستقبلًا أفضل، هم أكثر عرضة ليكونوا قادرين على خلق هذا المستقبل ونقله إلى حيز الوجود.
وتلك العملية لا تتطلب سوى بناء سيناريو افتراضي في الخيال، نتصور خلاله النجاح وتحقيق الأهداف، لأن حدوثه في الواقع، قد يوفر قدراً أكبر من الدقة في التنبؤ بنتائجه النهائية.
تجارب كثيرة وقصص حصلت مع عظماء ومشاهير، تخيلوا أنفسهم في أماكن وبيوت ووظائف ومواقع، وتحقق لهم ذلك، وهؤلاء من الأشخاص الإيجابيين والمتفائلين الذين يجذبون الآخرين إليهم، وكلما زاد عدد الأشخاص الذين يؤمنون بهم وبقضيتهم، زادت فرصهم في النجاح وزيادة الثقة بالنفس، لكونهم يؤمنون أن الخير الموجود على الأرض يكفي كل من عليها.
عندما يرانا شخص ما نشع بالإيجابية، تنعكس هذه الاستجابة نفسها في دماغ المراقب، وعلى العكس إننا نحرض مشاعر الخوف والقلق لدى الآخرين إذا كنا أنفسنا خائفين أو قلقين!
ولهذا لابد من العمل على تفعيل قانون الجذب عبر بعض الطرق البسيطة التي يمكننا من خلالها ممارسة هذا المفهوم القوي لقانون الجذب، لرؤية التغييرات في حياتنا، وذلك من خلال الامتنان الذي يعد مكبراً للطاقة، ومفتاح ذلك ممارسة الامتنان للأحداث والأشياء التي تشعرنا بالرضا والشكر لها، وذلك بتدوينها كل يوم أو تذكرها بضع دقائق قبل النوم، وهذا يندرج على شكر كل من له بصمة إيجابية في حياتنا.
بالإضافة للامتنان، هناك الخيال عبر معاينة عوامل الجذب القادمة في الحياة، وهنا يجب أن يكون التخيل واقعياً لدرجة أننا يجب أن نشعر وكأن الحدث نعيشه في تلك اللحظة نفسها، ونشعر بالحدة العاطفية والعقلية لحدوثه، في الوقت الذي يجب فيه أن ننام بسلام ونستيقظ كذلك، لأن عقلنا يستهلك كميات كبيرة من الطاقة في النهار، بينما ينظف دماغنا نفسه أثناء النوم، عن طريق تنظيف كل ماليس له حاجة.
الخطوة اللاحقة تحويل أحلامنا الكبيرة إلى حقيقة، ولهذا يدعم علماء النفس استخدام التأكيدات الإيجابية، كأداة رئيسية في ترسانة قانون الجذب.. حيث وجدوا أن الأشخاص الذين يخبرون أنفسهم باستمرار، أنهم قادرون على تحقيق هدف ما، هم أكثر قدرة على تأمين نتيجة إيجابية، وبالتالي فإن جزءاً مهماً في قانون الجذب، يتمثل في تعلم كيفية أن تكون شخصاً منفتحاً وسعيداً يهتز على وتيرة عالية، وذلك يؤدي إلى استجابة إيجابية لدى الآخرين، عن طريق الخلايا العصبية المرآتية وهي الخلايا العصبية التي «تعكس» السلوك الذي نلاحظه.
العدد 1160 – 19-9-2023