الفرح القاسي

كيف للفرح أن يكون قاسياً؟ سؤال طرحته على نفسي وأنا أشارك فرحة عقد قران ابنتي على خطيبها حيث لم أتمالك نفسي وعاطفتي وأنا أردد كلمات تتعلق بطقس الزواج من قبيل زوجتك موكلتي فلم تخرج الكلمات من لساني بل انعقد وضاق صدري ما جعل المأذون يطلب مني تردادها دون جدوى واكتفيت بالامائة بالرأس بالموافقة مع إصرار المأذون على تلفظي بها لأسباب تتعلق بشروط الزواج في الإيجاب والقبول وعلى الرغم من كلّ ذلك لم أستطع حبس دموعي التي انهمرت لتأخذ مجراها على ما تركه الزمن من مسارات على خدود الوجه لتبرزملامحها الخاصة وترسم معالمها كما تشاء ومع حالة الفرح والسعادة في هكذا مناسبة عائلية إلا أنه بالنسبة لي كان الفرح القاسي.
أن تغادر الفتاة بيت أبيها وأسرتها مسألة في طبيعة الحياة وحقائقها ولكن لا يمكن للعاطفة إلا أن تعبرعن نفسها أياً كانت الأسباب والتبريرات فالعائلة التي كانت في يوم من الأيام الأب والأم والأبناء والبنات بكلّ ما يمثله ذلك من حميمية وتفاعل وحيوية وحضور ما تلبث أن تتقلص شيئاً فشيئاً لتعود الأسرة إلى نشأتها الأولى الأب والأم فلا حيوية ولا صخب ولاصوت ولا سماع كلمات من قبيل بابا وماما وحماده ولوسي وابي وعصفوري، إنه فراغ صعب وقاس وشعور بالوحدة لايمكن أن تملؤه شاشات التلفاز أو جهاز الايباد أو اتصالات الأصدقاء ووسائل الإعلام أو الغوص في عالم الكتابة فراغ روحي هائل لا يعرفه إلا من يعيشه .
إن أجمل ما في الحياة تلك الأيام التي تعيشها الأسرة مجتمعة ومن سوء حظ البشر أنهم يعيشون اللحظات الحلوة في حياتهم كصورتستعيدها الذاكرة بعد فوات الأوان ،ولا يشعرون بقيمتها في حينها ولحظتها وهذه حقيقة قائمة ربما وافقني الكثيرون عليها لأنهم عاشوها وربما كان لضغط الحياة ويومياتها دور في عدم استثمار تلك اللحظات والاستمتاع بها ،وهنا اتذكر قولاً سمعته أو قرأته مؤداه ربما كرهت يوماً فدخلت في غيره فبكيت عليه وهذا يعكس جانباً من هذه الأشياء ولمرات عديدة وعند التقاط بعض الصور العائلية كانت زوجتي تلح علي أن أبتسم أثناء الصورة، فأمتنع عن ذلك بالقول :إنني لا أريد اصطناع الضحكة علماً أنني أعيش حالة من الفرح والسعادة بوجود العائلة واجتماعها في مناسبة معينة ، الآن وبعد أن توزعت العائلة بحكم الزواج بتّ ألوم نفسي على عدم ابتسامتي في بعض تلك الصور وأتمنى لو تعود المناسبة لأرسم أوسع الابتسامات حينها فالصورة التي كانت مناسبة فرح في اجتماع العائلة أصبحت اليوم تثير شعوراً فيه حسرة ورغبة في أن تعود مرة أخرى وهذا لا شك أمر ممكن في ظل وجود شكل من أشكال العلاقات في مجتمعنا الأسري المتماسك والمترابط ولعل تفرق العائلة بحكم طبيعة الحياة وحقائقها لا يخفي حقيقة ما أنجزته التكنولوجيا الحديثة من وسائل اتصال وتواصل مع وجود وسائل التواصل الاجتماعي بأشكالها المختلفة حيث تتيح للانسان يومياً الاتصال بعائلته وأفراد أسرته، حتى لو كانوا في بلدان وأماكن بعيدة فهاهو كرم ووالدته والبرتقالة ووالدها يطلان صباح مساء على شاشة صغيرة تقرب المسافات وهاهي العصفورة تغرد كلّ يوم فتملأ فضاء البيت حباً وفرحاً وأملاً بتجدد اللقاء.
حمى الله الأسرة السورية وأسبغ عليها الفرح والسعادة والهناء وأعاد لسورية بهائها وجمالها وسحرها واجتماعها في الأرض التي باركها الله .
د . خلف المفتاح

آخر الأخبار
حي غزال في سبينة ..منسي خدمياً.. رئيس البلدية: الإمكانيات محدودة للارتقاء بواقع الخدمات الدعم العربي لسوريا في إعادة الإعمار يؤسس لشراكات اقتصادية واستثمارية سوريا ترسم هويتها العربية الجديدة على أسس المصالح المشتركة الشبكة السورية لحقوق الإنسان تعلن انطلاق عملها الرسمي من العاصمة دمشق  من العزلة إلى الانفتاح.. سوريا تعود لمكانها الطبيعي في البيت العربي التأهب مستمر لمنع تجدده.. السيطرة على حريق مشهد العالي في مصياف الدفع السياسي يعزز التعاون والتنسيق السوري العربي بمواجهة التحديات الأمنية لم تعد للجميع.. حدائق دمشق لمن يدفع المال تأهيل مهندسي القنيطرة وفق المعايير الحديثة  لماذا لا يُحوَّل سجنا تدمر وصيدنايا إلى متاحف توثّق الذاكرة وتُخلّد الضحايا..؟ الذكاء الاصطناعي ودوره في الوعي المعلوماتي لدى الشباب الجامعي نائب مدير البورصة لـ"الثورة": فترة جس النبض انتهت والعودة طبيعية اتفاقية بين مفوضية اللاجئين وجمعية خيرية كويتية لدعم السوريين في الأردن دور المغتربين السوريين في إعادة الإعمار .. تحويل التحديات إلى فرص هل حان وقت تنظيم سوق السيارات ..؟ وزير المالية يعلن خطّة تطوير شاملة لسوق دمشق للأوراق المالية التنمر الإلكتروني.. جرحٌ لا يُرى وضحايا لا تُسمَع أصواتهم قفزة في الصادرات الأردنية إلى سوريا بنسبة 454% في الربع الأول من 2025 لغز السيارات في سوريا .. يثير ألف سؤال حول توقيت قرارات السماح بالاستيراد أومنعه !!. الخضار الصيفية بدرعا تبحث عن منافذ للتسويق والتصدير