الثورة – رفاه الدروبي:
فقدت الساحة الأدبية علمين في الأدب والفكر سهيل الذيب وهشام السفّان كانا عنوان ندوة شارك فيها الروائي والقاص والمسرحي محمد الحفري والدكتور أسامة حمود والشاعرة صبا بعاج في ثقافي أبي رمانة.
القاص الحفري أشار لو أنَّ الموت يعاتب لعاتبه بعد أخذه أعزّ أصدقائه سهيل الذيب، الحامل دفء الناس ووفاءهم. شجَّعه على الكتابة وسطَّر بقلمه أعماله كلها، لافتاً إلى تناوله مجزرة قانا في مجموعته الشعرية اليتيمة “العرس والساقطة”. كانت مؤلفاته المطبوعة “الكاتب والشرطي، الرياحين، موت وقيامة”، إضافة إلى مجموعة قصصية عنوانها “العودة من الآخرة” جمع فيها عدداً من قصص قرأها في الأمسيات الأدبية.
كما تطرَّق المسرحي الحفري إلى رواية “مذكرات من زمن ما” أتبعها بثلاث روايات منها “زناة” قدَّمها الدكتوران فرح مطلق ونبيل طعمه، ورواية” آثام وأنا” كتب غلافها محمد الطاهر، مُنوِّهاً بأنَّ “امرأة متحررة” أتى غلافها الأخير مُسطَّراً بقلمه. و”زناة وآثام” تدور أحداثها في معمعمة طاحونة الحرب الدائرة على الأرض السورية. وصف سهيل الذيب بقوله:
مثل أشجار البلوط
الواقفة على شفا معرية
ومثل شجرة البطم
التي كانت في قاع الوادي
ناهضة نحو الأعالي
سارحة تحرس عبق
الزعتر والنعناع
مثل مياه الرُّقاد الصافية
أنت
ياه يا سهيل
رائحتك تشبه زهر ليمونتنا
في وادي اليرموك
تعالَ ياصديقي أدلّك
على صما
وتدلّني على معرية
تعالَ نهبط إلى اليرموك.
بدوره الدكتور أسامة حمود أفصح عن مشاعر الفخر والإعجاب بالأديب سهيل الذيب، مُؤكِّداً بأنَّ المبدع لا يموت بل يُخلَّد من خلال عمله الأدبي وفي كلِّ ما قدَّمه أثناء مسيرته الثقافية والأدبية، ثم سلَّط الضوء على كتاباته خلال عقود طويلة، مُبيِّناً أنَّ الصداقة بينهما لم تكن عميقة لكنَّه لمح ابتسامة محبة تدلُّ على صفاء السريرة ونقاء الروح ظهرت في أكثر من محفل ثقافي؛ في حين امتدت صداقته مع السفان إلى عقود طويلة من الزمن واستطاع في السنوات الأخيرة استعادة نشاطه الأدبي. أنشد قصيدة نقتطف منها:
لسهيل أزجي ما يجول بخافقي
فله بقلبي حصة ومقام
أمَّا هشام فقد يحين حضوره
من ههنا، والحاضرون قيام
يلقي التحايا من قرأت عيونه
بالنور يرفل ثغره بسَّام
هو صاحبي، أنَّى التقيت بروحه،
فالودُّ عهدٌ والوفاءُ وسامُ
هو عاشقُ الدير، بل متصوف
كلّ المدائن دونها أوهامُ
من جهته شادي العاني بيَّن أنَّه عندما نتحدث عن شخصية إنسانية ومميزة فالكلمات لا تسعفنا لأنَّ هشام السفّان كان منارة ثقافية وأنموذجاً اجتماعياً متوهجاً. لم يكن مجرد صديق أو قريب بل أستاذاً في الثقافة والأدب والصحافة والإعلام والمجتمع والأخلاق، ثم انتقل لما قدَّمه من معارف ومدارك له لينهل من ينبوع معرفة لاينضب كونه يحمل فكراً عميقاً تعلَّم منه التحليل المنطقي المتوازن المبني على أسس صحيحة وسليمة.
بدورها الشاعرة صبا بعاج أضافت أنَّه ولد على ضفاف الفرات لبيت تفوح منه رائحة الصفصاف. من عائلة أدبية لها الكثير من الاهتمامات الشعرية والمسرحية والأدبية. وكم تشعر بالخوف لمجرد أن يطرق سمعك اسمه قبل أن تعرفه، متسائلةً: كيف يمكن التعامل مع شخصية أدبية نظمت الشعر وأجادت الخطابة وهندسة الخط العربي ونسج المسرحيات، لافتةً أنَّه تخرج في كلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة دمشق قسم اللغة العربية عام ١٩٧٣، ثم أوكلت إليه مهام تربوية عديدة، كما ترأس لجنة تمكين اللغة العربية، واختتم مسيرته الأدبية بعد خمسة عقود لم يُخفِ فيها انحيازه لخير اللغات والألسنة وتعليم لغة الضاد لأنَّها هويَّة العرب على امتداد التاريخ وسحرها الفريد فازدان قصيده باستعاراتها ومجازاتها وظهر مقاله بدقتها وإيجاز بيانها، وفاض شعره بحبِّ الفرات وياسمين الشام، كما نظَّم نصوصاً عن العشق والطفولة والحكمة وكانت له دراسات في شعر زهير بن أبي سلمى وامرئ القيس والمتنبي، وكتب مسرحيات عدة عن أصالة دير الزور والفرات وحب الوطن.