رشا سلوم
منذ أن نال محفوظ جائزة نوبل للآداب تعرض لهجوم نقدي عنيف , بعضه كان مغرضا , ونقد آخر ربما كان من باب الغيرة , وقد التقى طرفان على ذلك التطرف الأدبي الذي شعر بالامتعاض من نيله نوبل , وطرف الإرهاب الذي راى أن روايته أولاد حارتنا كفر صريح , حول هذا كان كتاب نجيب محفوظ بين الإيمان والإلحاد لمؤلفه ديب علي حسن وقد صدر نهايات القرن العشرين عن دار الحكمة بدمشق , وفيه توقف عن
الكثير من قضايا أدب محفوظ واليوم يتابع الدكتور محمود موعد القراءة في هذه الرحلة فقد
صدر كتاب (الدين والعصر في أدب نجيب محفوظ) تأليف: د. محمود موعد.
لم يستطع كاتب عربي آخر – خلاف نجيب محفوظ – أن يخلق هذا العالم الشامل الغني المتنوع: عالم الإنسان، وعالم الأشياء، وعالم الأفكار، الماضي والحاضر والمستقبل، وأن يتمثل المؤثرات في الفكر العربي والشخصية العربية، وقوى الصراع في المنطقة العربية؛ ويعكس ذلك في أعماله، ويرصد عبر رؤية شمولية عالم الإنسان بشكل عام، والإنسان العربي بشكل خاص كما هو محصلة لعدد من العوامل. ولم يهمل تحت حجة فنية أو أيديولوجية أي عنصر من العناصر المكونة لهذا الإنسان، وإن انطلق من مصر والشخصية المصرية. وهو لا يقدم هذه الكلية للمجتمع العربي ذات البعد التاريخي والاجتماعي والأيديولوجي بشكل سكوني، بل هي كلية ديناميكية ذات تحديد تاريخي. لذلك نرى: مسار الشعب المصري، صراع الأفكار القديم والجديد، الثورة والمراوحة… إلخ.
لعب نجيب محفوظ لعبة “الحياد المراوغ” على حد تعبير لوكاش، فترك للقوى الفاعلة في المجتمع حرية التعبير عن ذاتها. وكان هذا النسبي سبباً في اختلاف النقاد في تفسير أعماله أو تأويلها. من هنا كان لا بد من البحث عن مفاتيح لقراءة أدب نجيب محفوظ لفهمه والدخول إلى عوالمه؛ وذلك باكتشاف الهم المركزي لديه، والذي لم يفارقه منذ بدأ الكتابة، واكتشاف الثوابت التي يلح عليها، والأسئلة الجوهرية التي يطرحها.
كتاب (الدين والعصر في أدب نجيب محفوظ) تأليف: د. محمود موعد. صادر حديثاً عن الهيئة العامة السورية للكتاب 2023.