الثورة – عبد الحميد غانم:
لعل أبرز ما صدم الكيان الصهيوني وجيش الاحتلال في “طوفان الأقصى” صور اندحار قواته وصور القتلى والأسرى من جنود الاحتلال الإسرائيلي على يد المقاومين الفلسطينيين، وصور اختراق المقاومين الفلسطينيين من البر وعبر الإنزال الجوي للموانع والحواجز التي يعتبرها العدو منيعة، حيث تحطمت الصورة التي طالما استمات كيان الاحتلال برسمها أمام العالم، وهي أنه “القوة التي لا تُقهر”.
فعنصر المباغتة الذي اعتمدته المقاومة الفلسطينية في عملية “طوفان الأقصى”؛ شكلت صدمة ومفاجأة لكيان العدو الإسرائيلي، الذي كان منشغلاً في مواصلة انتهاكاته للمسجد الأقصى، ولمدن ومخيمات الضفة، إذ أحدثت العملية البطولية الكبيرة التي شنتها المقاومة الفلسطينية ضد جيش الاحتلال، فجر 7 تشرين الأول الجاري، زلزالاً أمنيا وسياسياً مدوياً في الكيان الإسرائيلي ورداً حتمياً على ممارسات الاحتلال الوحشية وغطرسته لاسيما سياسات حكومته المتطرفة برئاسة الإرهابي نتنياهو، وستكون لها ارتدادات قوية على الكيان الغاصب حتى انتهاء الاحتلال وزواله.
ولا يحتاج الفلسطينيون إلى الكثير من الأسباب والمبررات عموماً لتصعيد نضالهم مع الاحتلال، فيما تسعى أكثر الحكومات تطرفاً في تاريخ الكيان الغاصب إلى تصفية القضية الفلسطينية تماماً وضم الضفة الغربية وتدمير بصيص الأمل الصغير المتبقي للسلام.
إن أهمية عملية “طوفان الأقصى” ستنعكس إيجاباً على مستقبل الصراع مع العدو لصالح عودة الحقوق والأراضي المحتلة في المنطقة بأكملها؛ ويمكن أن تعمل على إعادة تشكيل هذا الصراع من جديد وتعزيز صورة المقاومة الفلسطينية وخيارها في مواجهة الاحتلال.
ومع ذلك، فإن حقيقة أن هذه العملية غير المسبوقة في تاريخ الصراع الفلسطيني مع الاحتلال الإسرائيلي من حيث الشكل والحجم والنتائج والكفاءة في التخطيط والتنفيذ تضفي الكثير من الإثارة على الأسباب والأهداف ودلالات التوقيت الذي اختارته المقاومة الفلسطينية لتنفيذ الهجوم، وتؤكد على أن تأثير المقاومة الفلسطينية في مسار الصراع مع كيان الاحتلال لا يزال قوياً وحاسماً في المنعطفات التاريخية للقضية الفلسطينية.
لقد سعت “إسرائيل” منذ فرض حصارها على غزة قبل أكثر من عقد ونصف إلى تقويض قدرة الفصائل الفلسطينية في القطاع على التأثير في المعادلات السياسية والعسكرية للصراع، إلا أن هذه العملية البطولية أفشلت كل أهدافهم، حيث يعكس نجاح المقاومة الوطنية الفلسطينية في إحداث الصدمة الأمنية الكبيرة من خلال عملية “طوفان الأقصى” فشلاً أمنياً واستخباراتياً إسرائيلياً ذريعاً، ومن المؤكد أن ارتداداته ستكون كبيرة على السياسة الداخلية لكيان الاحتلال.
قد يجد نتنياهو في شن حرب مميتة على غزة وسيلة لإعادة الاعتبار المعنوي لمعادلة الردع الإسرائيلية، لكن التكاليف ستكون باهظة على كيان الاحتلال أكثر من أي وقت مضى.
ورغم التحديات الكبيرة التي تواجه القضية الفلسطينية اليوم فإن المرحلة الجديدة التي يدخلها الصراع مع العدو بعد عملية “طوفان الأقصى” ينبغي أن توجه أنظار المنطقة والعالم بأن القضية الفلسطينية لا تزال قادرة على التعبير عن نفسها وحضورها بمختلف الوسائل والأشكال.
السابق