الثورة – لميس عودة:
في السادسة والنصف صبيحة السابع من تشرين الأول، بدأ الطوفان المقاوم في غزة ليلقي بثقل إيقاع ساعاته خوفاً وهلعاً في نفوس الصهاينة وتخبطاً وارتباكاً لدى أركان حرب الاحتلال الذين ظنوا أن الدم الفلسطيني الذي يستبيحونه بكل وحشية وبصمت دولي مخز لا يستطيع أن يثأر لنزيف جراحاته.
أجل إنه طوفان أعاد عقارب الساعات خمسين عاما لحرب تشرين التحريرية يوم تحطمت أسطورة “الجيش الذي لا يقهر”، فذاكرة الهلع الصهيوني لن تشيخ وكابوس الهزائم سيطارهم، والفزع من ردود أصحاب الحقوق السليبة سيبقى يثير ذعر المحتل الغاصب الذي سيبقى على شفا انتظار زواله المحتوم بطوفانات لن تهدأ حتى تحرير الأرض.
فبين مذهول مصدوم ومرتعد خائف ومرتبك متخبط، استفاق الشارع الصهيوني ومتزعمو الاحتلال على هول المباغتة العسكرية للمقاومة الفلسطينية الذي نزل خبرها كالصاعقة على رؤوس أركان حرب الاحتلال باقتحام مستوطنات ما يسمى “غلاف غزة” وإزالة الأسلاك الشائكة والقيام بعمليات بطولية أسفرت عن مقتل ما يزيد على 350 صهيونيا، وأسر العشرات من ضباط وجنود ومستوطني الاحتلال، وتدمير آليات حربية لطالما نفذت عدوانها على قطاع غزة المحاصر واستباحت حرمة الإنسانية ودماءها وارتكبت مجزرة تلو الأخرى بحق أصحاب الأرض الأصليين .
طوفان المقاومة أغرق “إسرائيل”، الأمر الذي جعل رئيس حكومة العدو الصهيوني بنيامين نتنياهو يقول إنه “يوم أسود وقاس” فحساباته أخطأت وفقاعة أمن الاحتلال المزعوم ثقبها مخرز المقاومة الفلسطينية، وقلاع الجبروت العدواني تهاوت تحت أقدام المقاومين، ووهم قوة الاستخبارات الإسرائيلية مزقته أيديهم، الأمر الذي عبر عنه رئيس الموساد السابق ” لم نتلق أي تحذير من أي نوع وما حصل اليوم كان مفاجأة تامة، لم نعلم أن لديهم هذا العدد من الصواريخ ولم نتوقع أن تكون فعالة كما هي اليوم .. أكثر من 5 آلاف صاروخ أطلقت من غزة حتى الآن وهذا أمر يفوق الخيال.”
مفاجآت المقاومة وقدراتها المتطورة التي أذهلت حكام الاحتلال كانت خارج احتمالات الممكن والمتوقع لدى كافة أجهزة العدو الصهيوني العسكرية والاستخباراتية، وعندما استفاق الاحتلال على كابوسه الصباحي ما استطاع إزاحته أو تلافي إحداثه أو السيطرة عليه والحد من مفاعيله ولو بعد مرور ساعات طويلة، الأمر الذي أظهر إرباكا وتخبطاً شديدين عكسها اجتماع “الكابينيت” وتصريحات رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو الذي لم يكن يملك من مفردات ترقع أثواب الهزيمة إلا الطلب من “منكوبيه“ الصبر في حرب قاسية كما وصفها، حرب فرض قواعدها المقاومون قلبت المعادلات وهزت أركان وكر العربدة الصهيوني، عبر التخطيط الدقيق النوعي والمباغت، وتضليل المنظومة الأمنية والعسكرية للعدو باختيار التوقيت المناسب والتنوع في استخدام أساليب القوة براً وبحراً وجوا.
وقد وصف الإعلام الصهيوني ما جرى بأنه “الحدث الأكثر استراتيجية الذي تختبره الساحة الفلسطينية” مؤكداَ ” أن هذه المعركة فاجأت إسرائيل بشكل مطلق، من دون أي معلومات أو مؤشرات أو إنذارات” .
لأول مرة منذ 50 عاماً تعلن “إسرائيل” حالة الحرب وأنها “حرب مفاجئة وطاحنة وقاتلة” كما قال نتنياهو الذي ظهر بعينين مليئتين بالصدمة بعد 6 ساعات من بدء المقاومة الفلسطينية عملياتها.
صحيفة “واشنطن بوست” الأميركية بدورها وثقت لهزيمة العدو الصهيوني وتحت عنوان “مذلون ومهزومون” ..الخوف والصدمة يسيطران على “إسرائيل” التي تعرضت للإهانة والهزيمة اليوم”، مشيرة إلى أن معركة “طوفان الأقصى فاجأت جيش الاحتلال الإسرائيلي وأجهزة الاستخبارات الإسرائيلية وأثارت اتهامات مريرة”.
تلك آيات المقاومة التي صدق وعيدها، وذلك فعل ميامينها ثأراً لطهر دماء أريقت وتراق لأنها تمتشق الحق حساماً في وجه المعتدين، تثبت من خلاله البوصلة صوب محتل غاصب أمعن في غيه وعدوانه.