الملحق الثقافي-رنا بدري سلوم:
قوافلٌ من الشهداء برتبِ نجوم، أيقظت سماء سوريّة، نكّست أعلامها حداداً على أرواحٍ زهقت في حمص العديّة، فلا حبر أطهر من دماء ما إن أقسمت في الكليّة الحربيّة: « وأبذل دمي لأداء هذا الواجب والله على ما أقول شهيد» حتى شرّعت السماوات السبع أبوابها، لتزيّن النجوم وتحلّق النسور في سماء بلادي.
بماذا نكتب هذا الجلل الأليم؟ ولا حبر أطهر من دماء أمّهات تُحنأ بأيديهن نجوم الفخر والعزّة، تضعنها على كتف أبنائهن الضبّاط مرصّعة «بالوطن والشرف والإخلاص» وترحلن.
ولا حبر أنقى من ضفائر طفلة «زينة» تزيّنت لتحضر حفل تخرج أخيها الضابط ، لم تلحق أن تأكل سكاكر الفرحة فقد اغتالت ضحكتها يد الإرهاب.
لا حبر أقدس من دماء أب معلم يحصد بيادر القمح فيروي بذّة ابنه «صالح» بدمائه ليزيد من الموسم بركة، وتبقى فرحة الضابط معلّقة على كتفه نجمة يكتفي بها عمراً.
سوف لن ينسى التاريخ هذا اليوم الدامي، هذه المجزرة التي ارتكبها العدو الصهيوني والأميركي والتركي وحلفاؤهم الخونة بحق أناس آمنين أتوا للمشاركة في حفل تخرج ضبّاط الكلية الحربية، سيخبر هذا الدم النقي أعداء الحقّ والإنسانية جمعاء أنه في جهات بلادي الأربع يمتزج بكل زمره ليولد حياة، سيذكر هذا الدم أغنية ننشدها على مرّ السنين « ومن دم كل شهيد مداد» نقهر بها الموت ونحن نزفّ الشهداء قرابين إلى مثواهم الأخير، مؤمنين أن الشهداء «أحياء عند ربهم يرزقون»، وحده إيماننا بالله والوطن لن يتزحزح مهما طالت يد الإرهاب فرحتنا واغتالت بيادرنا وسرقت طحيننا وماءنا وثرواتنا، سنقاوم، ويرد حماة الدّيار الصاع صاعين، حتى تطهير آخر رجس إرهابيّ على ذرى وطننا المقدّس.
واشهد أيها التاريخ وأنت تسترجع في هذا اليوم بطولات أجدادنا بمرور خمسين عاماً على ذكرى حرب تشرين التحريرية، أن الأحفاد « لم يبدّلوا تبديلا»، فلا حاضر لدينا دون ماضينا.
واشهد يا إلهي العليّ القهّار أننا نرتجيك مع كل رفّة عين، ومع كل قلب مكلوم أن تحمي سوريّة جيشاً وقائداً وشعباً، وأن تنصرنا بنصرك المبين.. فصبراً يا سوريّة على البلوى إنكِ في عينيّ الله التي لا تنام.
العدد 1162 – 10-10-2023